العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثانيا: أحاديث في الدنيا

صفحة 349 - الجزء 1

  الأرض أغنى مني، يا بن مسعود يبغضون ما أبغض الله ويصغرون ما صغر الله، ويزهدون فيما زهد الله تعالى حتى وجدوا الثناء قال لنوح #: {إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُوراً}⁣[الإسراء ٣] {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبراهيم خَلِيلاً}⁣[النساء ١٢٥]، وجعل داود خليفة الله في أرضه {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}⁣[سبأ ١٢] {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}⁣[النساء ١٦٤]، وليحيى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}⁣[مريم ١٢] {وَسَيِّدًا وَحَصُوراً}، ولعيسى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ}⁣[المائدة ١١٠]، وأثنى عليهم فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}⁣[الأنبياء ٩٠]، لما خوفهم الله تعالى في كتابه {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ}⁣[الحجر ٤٣] {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ٧١ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ٧٢}⁣[مريم]، وقوله: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ}⁣[الزمر ٦٩]. يابن مسعود والحساب فيها على من كان له فضل من قوام صلبه فلم يقدم فضله.

  يابن مسعود النار لمن ركب محرماً والجنة لمن ترك الحلال. يابن مسعود عليك بالزهد فإن الزهد في ذلك مما يباهي الله تعالى به الملائكة ويقبل عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار.

  يابن مسعود سيأتي من بعدي أقوام يأكلون الطعام ألوانها ويلبسون اللباس ألوانها، ويركبون فره الدواب ألوانها، ويتزين الرجل منها بزينة المرأة لزوجها، ويتبرجن النساء زيهن زي الملوك المياثرة ودينهم دين كسرى وقيصر يسمنون ويتباهون بالحجشئ هم منافقوا، هذه الأمة شاربون للقهوات، اللاعبون بالكاعبات، راغبون للشهوات، تاركون الجماعات، راقدون عن العتمات، مفرطون في الغدوات.

  يابن مسعود قال الله ø: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}⁣[مريم ٥٩]. يا بن مسعود مثلهم مثل الشجرة الدفلى زهرها حسن وطعمها مر، يبنون الدور ويشيدون القصور، ويزخرفون مساجدهم، ويُحلَّون مصاحفهم ويأكلون الربا، ويظهرون الجفاء، ليس لهم همّ إلا هم الدنيا، عاكفون عليها.