العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثالثا: أقوال في الدنيا

صفحة 358 - الجزء 1

  ٤٠ - قال أميرالمؤمنين: من زهد في الدنيا أنبت اللّه ø الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وتذكره دائها ودوائها وعيوبها، فأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار القرار.

  ٤١ - ومن خبر ضرار بن ضَمُرَةَ الضُّبابي عند دخوله على معاوية ومسألته له عن أميرالمؤمنين #. قال: فأشهَدُ لقَدْ رَأَيْتُهُ في بعض مواقِفِهِ وقَد أرخى الليلُ سُدُولَهُ وهو قائمٌ في محرابِهِ قابِضٌ على لِحْيتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّليمِ ويبكي بُكاءَ الحَزينِ، ويقولُ: يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا، إِلَيْكِ عَنِّي، أبي تَعَرَّضْتِ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ؟ لاَ حَانَ حِينُكِ! هيْهَات! غُرِّي غَيْرِي، لاَ حاجَةَ لِي فيِكِ، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثاً لارِجْعَةَ فِيهَا! فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ. آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ.

  ٤٢ - في كل جرعة شرقة و مع كل أكلة غصة.

  ٤٣ - إنما الدنيا بمنزلة الماء يكفيك الري، وما زاد على ذلك فهو بلاءٌ وهمٌ،

  ٤٤ - من دعاء الإمام زيد بن علي #: اللَهُمَّ إني أسألك سُلُوّاً عن الدنيا، وبغضاً لها ولأهلها، فإنَّ خَيْرَها زَهِيْدٌ، وشرَها عتيدٌ، وجَمْعَها يَنْفَدُ، وصَفْوَها يَرْنَقُ، وجديدَها يَخْلَقُ، وخيرَها يَنْكَدُ، ومافات منها حَسْرَةٌ، وما أُصِيْبَ منها فِتْنَةٌ، إلا من نالته منك عِصْمَةٌ، أسألك اللَهُمَّ العِصْمَةَ منها، ولاتجعلنا ممن رضي بها، واطمأن إليها، فإِنها مَنْ أمنها خانَتْهُ، ومن اطمأن إليها فَجَعَتْهُ، فلم يُقِمْ في الذي كان فيه منها، ولم يَضْعَنْ به عنها، وكَمْ رجلٍ غَبِيٍّ غَرَّتْهُ أُخّرَ للعذاب وشدته، فلا الرضاء له بقي، ولا السخط منه نسي، انقطعت لذة الإسخاط عنه، وبقيت شِقوة الانتقام منه، فلاخَلَدَ في لذة، ولاسَعُدَ في حياة، ولانفسه ماتت بموته، ولانفسه حييت بنشره، أعوذ بك اللَهُمَّ مِنْ مثل عَمَلِه ومثل مصيره.

  ٤٥ - قيل للباقر محمد بن علي #: من أعظم الناس قدرا؟ قال: من لم يبل الدنيا في يد من كانت.

  ٤٦ - قال الباقر أبو جعفر محمد بن علي #، لجابر الجعفي: يا جابر أنزل الدنيا كمنزل نزلته ثم أردت التحول من يومك ذاك، أو كَمِالٍ إكتسبته في منامك فاستيقظت وليس في يدك شيء، وإذا كنت في جنازة فكن كأنك سألت الرجعة إلى الدنيا لتعمل عمل من عاين الموت، فإن مثل الدنيا عند العلماء كفيء الظلال.