العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثالثا: أقوال في الدنيا

صفحة 359 - الجزء 1

  ٤٧ - قال محمد بن الحنفية: من كرمت نفسه عليه صغرت الدنيا في عينيه.

  ٤٨ - عن الصادق جعفر بن محمد #: الزهد في الدنيا عدها كالجيفة لم يتناول منها إلا اضطراراً.

  ٤٩ - قال اللّه تعالى لموسى صلى اللّه عليه: إني لأُجَنِّب أوليائي عن سلوة الدنيا وعيشتها كما يجنب الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلكة وإني لأذودهم عن بهجتها ورخائها كما يذود الراعي إبله عن مبارك الغرَّة وما ذاك لهوانهم عليَّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي.

  ٥٠ - عن المسيح #: النظر إلى أهل الدنيا رحمة، وإلى أهل الزهد حسرة، وإلى أهل القبور عظة، وإلى الموتى عبرة.

  ٥١ - كان المسيح يقول: يا ابن آدم كانت الدنيا ولم تكن، وتكون الدنيا ولست فيها، وإنما لك منها أيام حياتك، فإياك وأن تضيع نفسك، فإن المغبون من غبن أيام حياته.

  ٥٢ - قال الإمام القاسم الرسي #: فالدنيا أحق منْزلٍ بأن لا تُملَّ مكاسبُ غُنمه، ولا يغفل في حث ولا جدٍّ ولا اجتهاد عن تغنُّمِه، ولا يذم سعي من عمل له، واغتنم فيه مدته وأجله، بل المستحق للذم فيها من أوطنها، على يقين العلم بالنقلة منها، وسعى للنيل فيها، مع يقينه بفنائها، فأصبح مشغولاً بالفراغ مما شغله، فارغاً من الشغل الذي فُرِّغ له، مصيخاً إلى الغرَّة، موطناً لدار النقلة، لا جاهلاً فيُعذر، ولا ناسياً فيُذكَّر، فكأنّ الموصوف المفتون بما يسمع ويرى، ليس بموقنٍ بزوال الدنيا، بل كأنه لم يوقن بمواعيد ربه غداً إذ تأخر ذلك عنه، ولم يصدق بما حُذِر إذ قصر به دُنُوُّه منه، بل كأنه نسي أن الدنيا جعلت دار بلوى، ولم تجعل لأحد من ساكنيها دار مثوى، وجعلت إلى غيرها معبراً، ولم تجعل لساكنيها مستقراً، وأنها لأهلها ممر سبيلٍ، ومنزل نقلة وترحيل، وأن كل من فيها إلى دار قراره غير لبيثٍ، ومن الآخرة في السير حثيث، فلو كان يصير من فيها بعد موته إلى غير معادٍ ولا مصير، لما وسعه إن نظر أو عقل ففكر أن يركن إلى ما يزول، وينصب لما يفنى فلا يدوم، وكيف وهو مبعوثٌ ومحاسب، وموقوف غداً للحساب فمعاتب، فيما أفنى من عمره، بل في كل أمره، من صغير محصوله، وجميع فعله وقوله، يحضر له كله يوم البعث في الحساب، ويجد ما كان فيه من خطأ أو صواب. فيا ويله أما سمع قول الله تبارك