المقدمة
  يحين الانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء؛ إذ أن الله تبارك وتعالى قد دل عباده عليه بعد أن قال عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ٣٢}[فصلت] بقوله ø: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٣٣}[فصلت]، وإدلاءً بدلو المشاركة في ثواب حملة الرسالة، والدعاة إلى الله استنادا في ذلك على ما روي عن رسول الله ÷: «الدال على الخير كفاعله»، وترجيا لتأدية شيء مما أوجبه الله، وحتمه رسوله، وحكم به العقل على الناس تجاه الشريعة الإسلامية والأمة المحمدية من التبليغ والإصلاح، وتشجيعاً لأشبال الدين على ارتقاء المنابر، وإزاحةً لأعظم عاضل - في نظري - للكثير من طلاب العلم عن بث ما حوت صدورهم من العلوم الربانية، والتعاليم الملكوتية، والآداب المحمدية، والموائد السماوية، ونظراً لأهمية الخطابة ودورها الفعال في واقع الأمة الاسلامية، وتأثيرها النفاذ في أوساط المجتمعات وخاصة في هذا الزمان الذي زهد فيه الناس عن الدين الإسلامي، وجنب فيه أكثر الخلق عن الحق، ومالوا عن الصواب، وشطحوا عن الصراط المستقيم، وجنحوا إلى الدنيا، ونفروا عن مجالس الذكر، وصعروا خدودهم عما جاء في كتاب ربهم من الإعذار والإنذار، وعافوا سنة نبيهم ÷، واتخذوا من الهوى واتِّباع الشهوات والتنكر للحق وأهله وقراً أصم آذانهم عن سماع وتعقل ما يوقظهم من غطيطهم في سبات غفلتهم عما يراد بهم، ولما أرى من لجوء بعض الإخوان في تحضير وإعداد الخطب والمحاضرات إلى كتب العامة - أحببت أن أقدم بين أيدي إخواني الدعاة، وأرفد معلمي الناس الخير، وأشد بعضد أشبال الدين وأبناء الشريعة وحملة العلم، وكل من لبى نداء ربنا وخالقنا حين قال عز من قائل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}[آل عمران]، ولقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة ١٢٢] - بإعداد كتاب يضم بين دفتيه معظم مواضيع الخطابة، والتجميع لكل موضوع كل ما أستطيع بعون الله من الآيات القرآنية التي