المقدمة
  تتحدث عنه، وكل ما روي فيه في كتب أهل البيت $ وأتباعهم الأخيار عن النبي # من الاحاديث، وكذا ما ورد فيه من أقوال وحكم عن أئمة آل البيت $ وغيرهم، وما نقل من أبيات شعرية فيه؛ إذ إن ذلك يسهل على الخطيب والواعظ تحضير واستقطاب الموضوع الذي يريد طرحه على الناس بحيث تكتمل لهم الفائدة.
  وقد وسمت هذا الكتاب بالعَتبة المنبرية في الأدلة الخطابية لكونه مما يرقى به الخطيب على المنبر، ويجعله من فرسانه ورواده، وسيكون هذا الكتاب بمشيئة الله وعونه أجزاء.
  وقبل أوان الشروع فيه أحبذ من كل قارئ أن يحلق معي بفكره مُزيحاً عن صدره كل ما يشغله، مصطحبا قلبه، مسكنا جوارحه بين هذه الأسطر.
  إخوتي، إن الإنسان اللبيب المحب لربه، والمفعم بالإيمان عندما ينظر إلى هذا الزمان الغاشم، وهذا الوقت العصيب، وهذا الجو الخانق، وهذا الطقس القاتم، وهذه الحالة المرثية، وهذا العصر عصر المادة والصراع على المصالح، عصر الضياع، هذا العصر الذي عصفت فيه ريح الفتن، وهاجت فيه أمواج الخرافات والأباطيل، وطغى فيه طوفان الفساد، وخيمت على الأمة غمامة الجهل، وما آلت إليه الأمة الإسلامية من انفلات عن الشريعة الإسلامية، وتهافت على هذه الدنيا الفانية، وهجر لمجالس الذكر، وتلبيس للحق، وتزييف لمعالم الشريعة، وطمس لمبادئ الإسلام، و ... - بلا شك ولا ريب أنها سترتعد فرائصه، وتهتز أركانه، ويرجف قلبه، ويتجمد الدم في عروقه، وتنفجر في أعماقه براكين الحسرة والتأسف على الدين المحمدي، ويرفع - واضعا يديه في أذنيه - صوته مستغيثا نادبا: وا إسلاماه وا محمداه، وقد تلعثم لسانه، وامتلأت جوانحه بالحزن المتلهب، وجوانبه لوعة وحسرة واحتراقا، منفجرة دموعه كالشلالات الهائجة حسرة على هذا الواقع الأليم، والحالة المرثية، ويحلق بناظريه في السماء مصفرا وجهه، شاحبا لونه، مرتعدة جوارحه، مترقبا أخذة رابية تجتث البرية بجرم ما فرطوه في جنب الله، وما أخلوا به تجاه دينهم، وما ضيعوه من شريعة خالقهم، وما نبذوه من سنة نبيهم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله، وما قصروا فيه من التعاون على نشر وبث معالم الشريعة، مع ما يشاهدونه من تقهقر الناس عما خطه