ثالثا: أقوال في الموت
  عليك وعلينا، فإنا من الصمم والحيرة والظلم في البحر الزاخر، واللج الغامر، فلا ينجو مِن غَمره إلا من نجاه الله، ولا يلجأ مِن غرقه إلا من أنجاه، والله المستعان، وعليه التكلان.
  ٢٦ - قال الإمام القاسم الرسي #: الموت يدخل كل باب، من أخرجه الموت من دار، لم يكن له إليه إياب.
  ٢٧ - قال الإمام القاسم الرسي #: أما بعد، فاتقوا الله، عباد الله، فيما تَقدَّم إليكم، واحتج به عليكم، من قبل اللهف والندم، ومن قبل الأخذ بالكظم، وانقطاع المدة، واستكمال العدة، ومن قبل التلاقي واللزام، والأخذ بالنواصي والأقدام، فكأن قد نزلت بكم نازلة الفناء، وأخرجتكم إلى دار البقاء، وكشف عنكم الغطاء، وتجرعتم سكرات الموت، وخضتم غمرات الآخرة، وأتاكم ما كنتم توعدون، وعاينتم ما كنتم تحذرون.
  ٢٨ - قال الإمام القاسم الرسي #: لا حيلة تنفع عند فوت الزمان، وعند السياق وكلول اللسان، لا ولد ينفع، ولا أهل يمنع، في مصرع هائل، وشغل شاغل، يُدعا فلا يَسمع، ويُنادَى فلا يجيب، في غصص الموت وسكراته، وتَجَرُّع زفراته، وغمومه وحسراته، قد علاك الأنين، وأتاك الأمر اليقين، فلا عذر فتعتذر، ولا ردة فتزدجر، قد عايَنَتْ نفسُك حقائق الأمور، وحللت في مساكن أهل القبور في لحد محدور، قد افترشت اللَّبِن بعد لين الوطاء، وسكنت بين الموتى، بعد مساكنة الأحياء، فالنجاء النجاء، قبل حضور الفناء.
  ٢٩ - قال الإمام القاسم الرسي #: رحم الله من عباده عبدا، أيقن أن له إلى الله معادا، فجد وشمر في طلب نجاته، قبل نزول الموت ومفاجأته، فكم رأينا من مفاجأٍ مبغوت، بما لم يتوقعه من وفاة وموت، أُخذ في غمرته، وعلى حين غرته، فتبرأ منه قبيله وأحبآؤه، وأسلمه للموت أهله وأقرباؤه، فلم ينصره أهل ولا عشير، ولم يكن له منهم نصير، بكاه من بكاه منهم قليلا، ثم هجره وجفاه طويلا، فكأنَّ - لم يره قط - حيا، ولم يكن له في حياته صفيا!
  ٣٠ - قال الإمام عبدالله بن حمزة #: الموت حوض مورود، وسبيل مقصود.