ثالثا: أقوال في الموت
  ٣١ - قال الإمام عبدالله بن حمزة #: لا تنسوا الموت وفزعته، والقبر وظلمته، واللحد وضمته.
  ٣٢ - قال الإمام الموفق بالله الحسين الجرجاني #: الجنازة مركب الآخرة، وصاحبها محبوس ليلحق به أشياعها، ومرتهن ليشاركه اتباعها، عجباً! لهم كيف يذهلونه؟ وقد عاينوأُ اسرته، وغربته، وحسرته، وحفرته، ووحدته، ووحشته، وضيق مضجعه، وذلة مرجعه، وظلمة موضعه، وسوء حاله، وسؤاله هيهات هيهات ما أغفل الأحياء عما حل بالأموات، فكأنك يا مطول على سرير المنايا محمول، وإلى دار البلاء عن قريب منقول، وبعد ذلك موقوف مسئول.
  ٣٣ - محمد بن الحسن، قال: قال الحسن ذات يوم لإخوانه وكانوا عنده: إنما يتوقع الصحيح داءاً يصيبه، والشاب هرماً يفنيه، والشيخ موتاً يأتيه، إخواني أليس غداً يفارق الروح الجسد؟ فيكون هو المسلوب ماله وولده، الملفوف في كفنه، المنفرد في حفرته، المنسي من قلوب أحبابه الذين كان لهم كدُّه وكدحُه، ابن آدم نزل بك الموت فما ترى غادياً ولا رائحاً، ولا ترد سلاماً، ولا تفهم كلاماً، قد اصفر وجهك، وشخص بصرك، وحرج صدرك، ويبس ريقك، واضطربت أوصالك، وقلقت أحشاؤك، والأحبة حولك، ترى ولا تعرف، وتسمع فلا تجيب، أخلفت القصور، وخلت منك الدور، وقضيت في أموالك بعدك الأمور، وصرت معترضاً على أعناق الرجال. يسرعون بك الإنطلاق من عمران دارك إلى لحد قبرك، ومن بهاء مجلسك إلى بيت الوحدة والغربة، ثم أتوا مالك فاقتسموه، ومنزلك فسكنوه، وورثت من لا يحمدك، وقدمت على من لا يعذرك، فرحم اللّه عبداً أخذ من الدنيا صفواً وجعل الهم واحداً بكسرة أكلها، وخرقة لبسها، غير منافس فيه، ولا محسود عليه قد لصق بالأرض تواضعاً، مؤدياً لفرضه، منتظراً لأمر ربه.
  ٣٤ - يحيى بن الحسين: لكل شيء أصل وفرع، و [إن] أصل الطاعات ذكر الموت، والطاعات فروعها، وإن أصل المعاصي نسيان الموت، والمعاصي فروعها، وهذان أصلان أصليا من مضى من الجنة والنار، ويصليان من بقي، ومن قصر أمله تفصل له كل شيء.