ثالثا: أقوال في الموت
  وأحرصهم على جمع الدنيا، جبيت البلاد، ودرت فيها فدوخت البلاد وقتلت الملوك، وهزمت الجيوش، وذللت المقاود، وجمعت من الدنيا ما لم يجمعه أحد قبلي، ولم استطع أن أفتدي به من الموت إذ نزل بي.
  ٤٣ - من أكثر ذكر الموت، قلَّ حسده، وقَلَّ فرحه.
  ٤٤ - انتبه أيها المؤمن من رقدتك، وأفق من سكرتك، واعمل في مهلك، قبل شغلك، وقبل نزول الموت بك، وخذ مما في يديك لما بين يديك، عقبة كؤوداً لا يجوزها إلا كل مخف قد أحسن الاستعداد لها، وهناك يوجل كل مثقل مفرِّط.
  ٤٥ - اعملوا في الصحة قبل المرض، وفي الشباب قبل الكبر، وفي الفراغ قبل الشغل، وفي الحياة قبل الموت.
  ٤٦ - إن الموت فضح الدنيا، فلم يترك لذي لب بها فرحاً.
  ٤٧ - لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لخشيت أن يفسد قلبي.
  ٤٨ - كم من إنسان يرحم غيره، وهو أحق بالرحمة منه، وكم من ميت يبكي عليه الحي، والحيى أحق بالبكاء منه.
  ٤٩ - من لم يرَ ملك الموت خلف فنائه، لا يقدر على الإستعداد للموت، ومن لم ير اللّه مطلع السرائر، لا يقدر على أن يرضيه.
  ٥٠ - اعلم أن ليس المراد من الإكثار من ذكر الموت باللسان فقط، بل مع استحضار الموت، وأهواله، وسكراته، ومعاينة أمور الآخرة، وما الذي بقي من أجله، وبما يختم له من عمله.
  ٥١ - قال رجل لصاحبه: يا فلان، هل أنت على حال ترضاها للموت؟ قال: لا. قال: فهل عزمت على التحول من حالك هذا إلى حال ترضاها للموت؟ قال: لا. قال: فهل تدري متى الموت نازل بك؟ قال: لا. قال: فهل بعد الموت دار مستعتب؟ قال: لا. قال: ما رأيت مثل هذه الخصال رضي بها عاقل.
  ٥٢ - قال المزني: دخلت على الشافعي غداة اليوم الذي توفي فيه، فقلت: كيف تجدك يا أبا عبد الله، فقال: أجدني من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، وبكأس المنية شارباً، وعلى ربي جل وعز وارداً، فلا أدري تصير روحي إلى الجنة فأهنيها؟ أم إلى النار فأعزيها؟ وأنشد يقول: