ثالثا: أقوال في الموت
  ٣٥ - كان يزيد الرقاشي يقول: الأيام ثلاثة: يومك الذي ولدت فيه، ويوم نزولك في قبرك، ويوم خروجك من قبرك. فياله من يوم قصير يخلفه يومان طويلان إن شئت أن تنظر إلى الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها، وزخارفها، فشيع جنازة ثم احمل تراباً فانظر فيه، فهي الدنيا بما فيها، أما إني لست آمرك أن تحمل تربته بل آمرك أن تحمل فكرته.
  ٣٦ - القبر من أكثر ذكره وجده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النيران.
  ٣٧ - الموت أشد من ضربة ألف سيف يقعن جميعاً، وأشد من طبخ في القدور وقطع بالمناشير.
  ٣٨ - لبعضهم: حقيق من كان الموت موعده، والقبر مورده، والقبر والحساب عند اللّه مشهده، أن يطول بكاؤه وحزنه.
  ٣٩ - قيل: إن الأنبياء قالوا لإبراهيم بعد الموت: كيف وجدت الموت؟ قال: شديداً كما أدخل في كل عرق مني وعظم، ومفصل السُّلاء ثم استل استلالا.
  ٤٠ - لما دنى فراق المسيح # عن أصحابه فسألوه: يا روح اللّه بما ندعوا لك؟ قال: بتخفيف سكرات الموت عليَّ.
  ٤١ - ضمرة عن أبن شوذب، قال: اطلعت امرأة على قبر فرأت اللحد فقالت: لامرأة معها: ما هذا؟ تعني: اللحد. فقالت: كندوح العمل عنت به خزينة العمل.
  ٤٢ - عن عمر بن ميمون قال: افتتحنا بفارس مدينة، فهدينا إلى غار ذكر لنا أن فيه أموالاً فدخلناه، ومعنا من يقرأ بالفارسية فصرنا إلى بيت شبيه بالأترج عليه صخرة عظيمة، ففتحناها، فإذا فيه سرير من ذهب عليه رجل وعند رأسه لوح فيه كتاب فقرئ لنا فإذا هو: يا أيُّها العزيز المملوك لا تتجبر على خالقك، ولا تتعدى قدرتك الذي جعل لك، إن الموت غايتك وإن طال عمرك، وإن الحساب أمامك، وإنك إلى مدة معلومة، متروك ثم تؤخذ بغتة، أحب ما كانت الدنيا إليك، فقدم لنفسك خيراً تجده محضراً، وتزود من متاع الغرور ليوم فاقتك، أيها العبد المملوك اعتبر بي فإن فيَّ معتبراً، وعليك من اللّه فيَّ حجة، أنا بهرام بن بهرام ملك فارس، كنت أعظمهم بطشاً، وأقساهم قلباً، وأطولهم أملاً، وأرغبهم في الدنيا لذة،