ثالثا: أقوال في الموت
  وينشف دمه، ويرم عظمه حتى يوم حشره، فنشر من قبره حين ينفخ في صور، ويدعى بحشر ونشور.
  ٥٩ - قال الإمام علي # في وصف حالة اهل القبور يوم القيامة: قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الْأَجْدَاثِ وَصَارُوا إِلَى مَصَايِرِ الْغَايَاتِ لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا لَا يَسْتَبْدِلُونَ بِهَا وَلَا يُنْقَلُونَ عَنْهَا.
  ٦٠ - قال الإمام علي #: فَإِنَّكُمْ لَوْ قَدْ عَايَنْتُمْ مَا قَدْ عَايَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ لَجَزِعْتُمْ ووَهِلْتُمْ وسَمِعْتُمْ وأَطَعْتُمْ ولَكِنْ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا قَدْ عَايَنُوا وقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ الْحِجَابُ ولَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ وأُسْمِعْتُمْ إِنْ سَمِعْتُمْ وهُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ وبِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ لَقَدْ جَاهَرَتْكُمْ الْعِبَرُ وزُجِرْتُمْ بِمَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ومَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ إِلَّا الْبَشَرُ.
  ٦١ - الدنيا ثلاثة أيام: مضى أمس بما فيه فلا ترجوه، وصار اليوم في يديك ينبغي أن تغتنمه، وغد لا تدري من أهله تكون أم لا. فأما أمس الماضي فحكيم مؤدب، وأما اليوم القادم عليك فصديق مودع، وأما غد فليس في يدك منه شيء إلا أمله، فإن كان أمس الماضي فجعك بنفسك فقد أبقى اليوم في يدك حكمه ينبغي لك أن تعمل به، فقد كان طويل الغيبة عن يومك وهو سريع الرحلة عنك اليوم، وأما غد فليس في يدك منه إلا أمله فخذ الثقة بالعمل ودع الغرور بالأمل.
  ٦٢ - الموت رقيب لا يغفل، الموت نهاب الآمال، إذا تم العقل نقص الكلام، من تواضع للعلماء نمى علمه وكثر، وفي تَرْكِ الْبَشَاشة كِبْرٌ، والإفراط فيها خفة وسخف.
  ٦٣ - لا تجعل الرجال أوصيائك. كيف تلومهم ان ضيعوا وصيتك؟ وقد ضيعتها في حياتك، وأنت بعد هذا تصير إلى بيت الوحشة، وبيت الظُّلمَةِ، وبيت الدود، ويكون زائرك فيها منكر ونكير، ثم قبرك روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، ثم بكى، وقال: أعاذنا اللّه وإياك من النار.
  ٦٤ - الوصية آخر ما يتدارك الإنسان بها جريرته، ويخفف عن ظهره موبقته، ويتنظف بها عن دنس الخطايا، ويتخفض! له ما بعد المنايا. فحق على العاقل تحصيلها، وليس ما وراءها إلاَّ الجنة أو النار.
  ٦٥ - الموصي في مرضه على عقبة مهبطها إلى نار أو جنة، فإن تلافى بوصية فاز وإلا بار.