رابعا: أشعار في الموت
  واللهِ لَو بُعْثَرُوا يَومًا ولَو نُشِرُوا ... قَالُوا بأن التُّقَى مِنْ أعْظِم الزَّاد
  ١١٥ - سَلامٌ عَلَى أهِل القُبورِ الدَّوارِسِ ... كَأَنَّهُمُ لم يَجْلِسُوا في المجالس
  ولم يَشْرَبُوا مِن بَارد الماءِ شربةً ... ولم يَأَكُلُوا ما بَين رَطْبٍ ويابس
  فقد جَاءنِي الموتُ المهُولُ بِسَكْرَةٍ ... فَلَم تُغْنِ عَني أَلْفُ آلافِ فارِس
  فَيَا زَائِرَ القَبْرِ اتَّعِظ واعْتَبِرْ بِنَا ... ولا تَكُ في الدنيا هُدِيتَ بآنِس
  خراسَانُ نَحويها وأطرافَ فارِسٍ ... وما كُنْتُ عن مُلْكِ العِرَاقِ بآيِس
  سَلامٌ عَلَى الدُنْيَا وطِيبِ نَعِيمِهًا ... كَأَنْ لم يَكُنْ يَعُقوبُ فِيها بِجَالِس
  ١١٦ - قِفْ بالقُبُورِ وَقُلْ عَلَى سَاحَاتِهَا ... مَنْ مِنكُمُ المَغْمُورُ في ظُلُمَاتِهَا
  وَمَنِ المُكَرَّمُ مِنكمُ في قَعْرِهَا ... قَدْ ذَاقَ بَرْدَ الأَمْنِ مِن رَوعَاتِهَا
  أَمَّا السُكُونُ لِذِي العُيُونِ فَوَاحِدٌ ... لاَ يَسْتَبِينُ الفَضْلُ في دَرَجَاتِهَا
  لَو جَاوَبُوكَ لأَخْبَرُوكَ بِأَلْسُنٍ ... تَصِفُ الحَقَائِقَ بَعْدُ مِن حَالاَتِهَا
  أَمَّا المُطِيعُ فَنَازِلٌ في رَوضَةٍ ... يُفْضِي إِلى مَا شَاءَ مِن دَوحَاتِهَا
  والمُجْرِمُ الطَّاغِي بِهَا مُتَقَلِّبٌ ... في حُفْرَةٍ يأوِي إِلى حَيَّاتِهَا
  وَعَقَارِبٌ تَسْعَى إِليهِ فَرُوحُهُ ... فِي شِدَّةِ التَّعْذِيبِ مِن لَدَغَاتِهَا
  ١١٧ - يَا مُنْفِقَ الْعُمْرِ فِي حِرْصٍ وَفِي طَمَعٍ ... إِلَى مَتَى قَدْ تَوَلَّى وَانْقَضَى الْعُمُرُ
  إِلَى مَتَى ذَا التَّمَادِي فِي الضَّلَالِ أَمَا ... تُثْنِيكَ مَوْعِظَةٌ لَوْ يَنْفَعُ الذِّكْرُ
  بَادِرْ مَتَابًا عَسَى مَا كَانَ مِنْ زَلَلٍ ... وَمَا اقْتَرَفْتَ مِن الْآثَامِ يَغْتَفِرُ
  وَجَنِّبِ الْحِرْصَ وَاتْرُكْهُ فَمَا أَحَدٌ ... يَنَالُ بِالْحِرْصِ مَا لَمْ يُعْطِهِ الْقَدَرُ
  وَلَا تُؤْمِلْ لِمَا تَرْجُو وَتَحْذَرُهُ ... مَنْ لَيْسَ فِي كَفِّهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرُ
  وَفَوِّضِ الْأَمْرَ لِلرَّحَمَنِ مُعْتَمِدًا ... عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا تَأْتِي وَمَا تَذَرُ
  وَاحْذَرْ هُجُومَ الْمَنَايَا وَاسْتَعِدَّ لَهَا ... مَا دَامَ يُمْكِنُكَ الْإِعْدَادُ وَالْحَذَرُ
  ١١٨ - يَا قَسْوةَ القَلْبِ مَالِي حِيْلةٌ فِيْكَ ... مَلَكْتِ قَلْبِي فأَضْحَى شَرَّ مَمْلُوك
  حَجَبْتِ عَنِي إِفادَاتِ الخُشُوعِ فَلا ... يَشْفِيْكِ ذِكْرٌ وَلا وَعْظٌ يُدَاوِيْك
  وَمَا تَمَادِيْكِ مِن كُثْفِ الذُنُوبِ وَلَـ ... ـكِنَّ الذُنُوبَ أَرَاهَا مِن تَمَادِيْك