العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

رابعا: أشعار في الموت

صفحة 479 - الجزء 1

  إِنْ دُوفِعُوا دَفَعُوا أَوْ زُوحِمُوا زَحَمُوا ... أَوْ غُوْلِبُوا غَلبُوا أَوْ بُوْطِشُوا بَطشُوا

  جَاءَتْهُمُوا وَجُنُودُ اللهِ غَالِبَةٌ ... كَتَائِبٌ لِلْمَنَايَا كِلُهَا حَبَشُ

  فَضَعْضَعَتْ جَنَبَاتٍ عِزِّهمِ وَرَمَتْ ... مَنَارَهُم بِظَلاِمِ مَا بِهِ غَبَشُ

  لَطَالَمَا أَكلُوا وَطَالَمَا شَرَبُوا ... وَطَالَمَا رَفَعُوا الآجَامَ واعْتَرشُوا

  مَرُوا وَلا أَثَر مِنْهم بِدَارِ همُوا ... وَلا حَسِيْسَ وَلا رِكْزٌ وَلا وَقَشُ

  قَدْ كَانَ لِلْقَوْمِ آمالٌ مَبَسَّطةٌ ... فَأَصْبَحُوا قبضُوا الآمال وَانكَمَشُوا

  ١٣٨ - سِهَامُ المَنَايَا في الوَرَى لَيْسَ تُمْنَعُ ... فَكُلُّ لَهُ يَوْمًا وَإِنْ عَاشَ مَصْرَعُ

  وَكُلُّ وَإِنْ طَالَ المَدَى سَوْفَ يَنْتِهِي ... إِلى قَعْر لَحْدٍ في ثَرَى مِنْهُ يُوْدَعُ

  فَقُلْ لِلَّذِي قَدْ عَاشَ بَعْدَ قَرِيْنِهِ ... إِلى مِثْلِهَا عَمَّا قَلِيْلٍ سَتُدْفَعُ

  فَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى سَوْفَ يُفْضِي إِلى الرَّدَى ... وَيَرْفَعُهُ بَعْدَ الأَرائِكِ شَرْجَعُ

  وَيُدْرِكُهُ يَوْمًا وَإِنْ عَاشَ بُرْهَةً ... قَضَاءٌ تَسَاوَي فِيْهِ عَوْدٌ وَمُرْضَعُ

  فَلا يَفْرَحَنْ يَوْمًا بِطُولِ حَيَاتِهِ ... لَبِيْبٌ فَمَا في عَيْشِهِ المَرْءُ مَطْمَعُ

  فَمَا العَيْشُ إِلا مِثْلُ لَمْحَةِ بَارِقٍ ... وَمَا المَوْتُ إِلا مِثْلُ مَا العَيْن تَهْجعُ

  وَمَا النَّاسُ إِلا كَالنَّبَاتِ فَيَابِسٌ ... هَشِيْمٌ وَغَضُّ إِثرَ مَا بَادَ يَطْلَعُ

  فَتَبًا لِدَارٍ مَا تَزَالُ تَعُلُّنَا ... أَفَاوِيْقَ كَأْسٍ مُرَّةً لَيْس تُقْنِعُ

  سَحَابُ أَمَانِيْهَا جَهَامٌ وَبَرْقُهَا ... إِذَا شِيْمَ بَرْقٌ خَلَّبٌ لَيْسَ يَهْمَعُ

  تَغُرُّ بَنِيْهَا بالمُنَى فَتَقُودُهُمْ ... إِلى قَعْرِ مَهْوَاةٍ بِهَا المَرْءُ يُوْضَعُ

  فَكَمْ أَهْلَكَتْ في حُبَّها مِنْ مُتَيَّمٍ ... وَلَمْ يَحْظَ مِنْهَا بِالمُنَى فَيُمَتَّعُ

  تُمَنِّيْهِ بالآمَالِ في نَيْل وَصْلِهَا ... وَعَنْ غَيَّهِ في حُبِّهَا لَيْسَ يَنْزِعُ

  أَضَاعَ بِهَا عُمْرًا لَهُ لَيْسَ رَاجِعًا ... وَلَمْ يَنَلِ الأَمْرَ الذِي يُتَوقَّعُ

  فَصَارَ لَهَا عَبْدًا لِجَمْعٍ حُطَامِهَا ... وَلَمْ يَهْنَ فِيها بِالذِي كَانَ يَجْمَعُ

  وَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لأغْنَتْهُ بُلْغَةٌ ... مِنَ العَيْشِ في الدَّنْيَا وَلَم يَكُ يَجْشَعُ

  إِلى أَنْ تُوَافِيْهِ المَنِيَّةُ وَهُوَ بَالْ ... قَنَاعَةٍ فِيْهَا آمِنًا لا يُرِوَّعُ

  مَصَائِبُهَا عَمَّتْ فَلَيْسَ بِمُفْلَتٍ ... شُجَاعٌ وَلا ذُو ذِلّةٌ لَيْسَ يَدْفَعُ