العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

رابعا: أشعار في الموت

صفحة 478 - الجزء 1

  تُجَهِّزُ مِنَّا لِلْقُبُورِ عَسَاكِرًا ... وَتُرْدِفُ أعوادَ الْمُنايَا فَوارِسًا

  إِذَا أمَلٌ أرْخَى لَنَا مِنْ عِنَانِهِ ... غَدَا أَجَلٌ عَمَّا نُحَاوِلُ حَابِسًا

  أَرَى الْغُصْنَ لَمَّا اجْتُثُّ وَهو بِمَائِهِ ... رَطيبًا وَمَا أنْ أَصْبَحَ الْغُصْن يَابِسًا

  نَشِيدُ قُصورًا لِلْخُلُودِ سَفَاهَةً ... وَنَصْبِر مَا شِئْنَا فَتورًا دَوَارسًا

  ١٣٦ - وَرَيَّانَ مِن مَاءِ الشَّبَابِ إِذَا مَشَىْ ... يَمِيْدُ عَلَى حُكْم الصِّبَا وَيَمِيْدُ

  تَعَلْقَ مِن دُنْيَاهُ إِذَا عَرَضَتْ لَهُ ... خَلوبًا لألْبابِ الرِّجَالِ تَصِيْدُ

  فَأَصْبَحَ مِنْهَا فِي حَصِيْدٍ وَقَائِم ... وَلِلْمَرْءِ مِنْهَا قَائمٌ وَحَصِيْدُ

  خَلاَ بِالأمانِي واسْتَطَابَ حَدِيْثَها ... فَيَنْقُصُ مِن أَطْمَاعِهِ وَيَزِيْدُ

  وَأدْنَتْ لَهُ الأَشْيَاءَ وَهيَ بَعَيْدَةٌ ... وَتَفْعَلُ تُدْنِي الشَّيءَ وَهْوَ بَعَيِدُ

  أتِيْحَتْ لَهُ مِن جَانِب الْمَوتِ رَمْيَةً ... فَراحَ بِهَا الْمَغْرُوْرُ وَهْوَ حَصِيْدُ

  وَصَارَ هَشِيْمًا بَعْدَمَا كَانَ يَانِعًا ... وَعَادَ حَدِيْثا يَنْقَضِيْ وَيَبِيْدُ

  كَأَنْ لَمْ يَنَلْ يَومًا مِن الدَّهْرِ لَذَّةً ... وَلاَ طَلَعَتْ فِيْهِ عَلَيْه سُعُوْدُ

  تَبَارَكَ مَن يُجْرِيْ عَلَى الْخَلْقِ حُكْمَهُ ... فَلَيْسَ لِشَيءٍ مِنْهُ عنه مَجِيْدُ

  ١٣٧ - رَفَعْتَ عَرْشَكَ فِي الدَّنْيَا وَتُهْتَ بِهِ ... وَمَا بِهَا لِلَبيْب تُرْفَعُ العُرُشُ

  وَبِتّ فِيْهَا عَلَى فُرْشٍ مُلَيَّنَةٍ ... وَلَوْ عَقَلْتَ لَمَا لاَنَتْ لَكَ الفُرشُ

  وَظِلْتَ تَسْعَى لآِمال وَتَفْرشُهَا ... وَلِلْمَوَارِيْثِ مَا تَسْعَى وَتَفْتَرِشُ

  كَمْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ مَأسُوْرِ رَغْبَتِهِ ... بِالحِرْصِ تُلْدَغُ جَنْبَاهُ وَتُنَتَهشُ

  يَمسِي وَيُصْبَحُ فِي حِلٍّ وَفِي ظَعْنٍ ... يَضُمُّ هَذَا إِلَى هَذَا وَيَحْتَوِشُ

  عَطْشَان لِلْمَالِ مُحْمَاة جَوَانِحُهُ ... أَلْقَى عَلَى صَدْرِهِ لِسَانِهُ العَطَشُ

  حَتَّى إِذَا قِيْلَ قَد تَمَّتْ مَطَالِبُهُ ... وَطَافَ مِن حَوْلِهِ أَهْلُوْه وَاحَتوشُوا

  مَدَّتْ إِليه يَدٌ لِلْمَوْتِ بِاطِشَةٌ ... خَشْنَاءُ لاَ دَهَشَ فِيْهَا وَلاَ رَعَشُ

  فَقصَّعَتْهُ وَقِدْمًا كَانَ ذَا جَيْدٍ ... وَأجْهَشَتْهُ وَلَمَّا يَدْرِ مَا الْجَهَشُ

  فَبَاتَ مُسْتَلَبًا وَبَاتَ وَارثُهُ ... وَقَدْ تَغَطَوْا بِذَاكَ الْمَالِ وَافْتَرَشُوا

  أَمَا سَمِعَتَ بِأَمْلاَكٍ مَضَوا قِدَمًا ... شُمُّ الأنْوفِ بِرَوض الملك قَد عَرَشُوا