رابعا: أشعار في الجنة
  يا غَافلاً عَمَّا خُلِقْتَ لَهُ انْتَبِهْ ... جَدَّ الرَّحِيْلُ وَلَستَ باليَقْظَان
  سَارَ الرفَاقُ وَخَلفُوكَ مَعَ الأولى ... قَنعُوا بِذَا الحَظِ الخَسِيْسِ الفَان
  وَرَأيْتَ أكْثَرَ مَنْ تَرَى مُتَخَلِّفَاً ... فَتَبَيعهُم فَرَضِيْتَ بالحِرْمَان
  لَكنْ أتَيْتَ بخُطَّتَيْ عَجْزٍ وَجَهْـ ... ـلٍ بَعْدَ ذا وَصحِبْتَ كُلَّ أمَان
  مَنّتْكَ نَفْسُكَ باللحُوقِ مَعَ القُعُو ... دِ عَن المَسِيْر وَرَاحَةِ الأبدَان
  ٤ - كَمْ بَيْنَ دَارِ هَوَانٍ لا انْقِضَاءَ لَهَا ... وَدَارِ أَمْنٍ وَخُلْدٍ دَائِمِ الدَّهَر
  دَارِ الَّذِيْنَ اتَّقَوْا مَوْلاَهُمُ وَسَعَوْا ... قَصْدَاً لِنَيْل رضَاهُ سَعْيَ مُؤْتَمِر
  وآمَنُوْا واسْتَقَامُوْا مِثْلَ مَا أُمِرُوْا ... واسْتَغْرَقُوْا وَقْتَهُمْ في الصَّوْمِ والسَّهَر
  وَتصدقوا وانْتَهَوا عَمَّا يُبَاعِدُهُمْ ... عَنْ بَابِهِ وَاسْتَلانُوا كُلَّ ذِيْ وَعر
  جَنَّاتُ عَدْنٍ لَهُم مَا يَشْتَهُوْنَ بِهَا ... في مَقْعَدِ الصّدْقِ بَيْنَ الرَّوْضِ والزَّهَر
  بِنَاؤُهَا فِضَّةٌ قَدْ زَانَهَا ذَهَبٌ ... وَطِيْنُهَا المِسْكُ والحَصْبَا مِنَ الدُّرَر
  أَوْرَاقُهَا ذَهَبٌ مِنْهَا الغُصُونُ دَنَتْ ... بِكُلّ نَوْعٍ مِن الرَّيْحَانِ والثَّمَر
  أَوْرَاقُهَا حُلَلٌ شَفَّافَةٌ خُلِقَتْ ... واللُّؤْلؤُ الرَّطْبُ والمرْجَانُ في الشَّجَر
  دَارُ النَّعِيْمِ وَجَنَّاتُ الخُلُودِ لَهُمْ ... دَارُ السَّلاَمِ لَهُمْ مَأْمُوْنَةُ الغِيَر
  وَجَنَّةُ الخُلْدِ والمَأْوى وَكَمْ جَمَعَتْ ... جَنّاتُ عَدنٍ لَهُمْ مِن مُوْنِقٍ نَضِر
  طِبَاقُهَا دَرَجَاتٌ عَدُّهَا مائةٌ ... كُلُّ اثْنَتَيْنِ كَبُعْدِ الأَرْضِ والقَمَر
  أَعْلَى مَنَازِلها الفِرْدَوْسُ عَالِيَهَا ... عَرْشُ الإِلَهِ فَسَلْ واطْمَعْ ولا تَذَر
  أَنْهَارُهَا عَسَلٌ مَا فِيْهِ شَائِبَةٌ ... وخَالِصُ اللَّبَنِ الجَارِي بِلاَ كَدَر
  وأَطْيَبُ الخَمْرِ والمَاءِ الذِي خَلِيَتْ ... مِنَ الصُدَاعِ ونُطْقِ اللَّهْوِ والسَّكَر
  والكُلُّ تَحْتَ جِبَالِ المِسْكِ مَنْبَعُهَا ... يُجْرُوْنَهُ كَيْفَ شَاءُوْا غيْرَ مُحْتَجَر
  فِيْهَا نَوَاهِدُ أَبْكَارٌ مُزَيَّنَةٌ ... يَبْرُزْنَ مِن حُلَلٍ في الحُسْنِ والخَفَر
  نِسَاؤُهَا المُؤْمِنَاتُ الصَّابِرَاتُ عَلَى ... حِفْظِ العُهُوْدِ مَعْ الإِمْلاَقِ والضَّرَر
  كَأَنَّهُنَّ بُدُوْر في غُصُوْن نَقَا ... عَلَى كَثِيْبٍ بَدَتْ في ظُلْمَةِ السَّحَر
  كُلُّ امرِيءٍ مِنْهُمْ يُعْطَى قُوَى مِائَةٍ ... في الأكْلِ والشُرْبِ والإفْضَا بِلاَ خَوَر