رابعا: أشعار في الجنة
  طَعَامُهُمْ رَشْحُ مِسْكٍ كُلَّمَا عَرقُوْا ... عَادَتْ بُطُوْنُهُمُ في هَضْمِ مُنْضَمِر
  لاَ جُوْعَ لاَ بَرْدَ لاَ هُمٌ وَلاَ نَصبٌ ... بَلْ عَيْشُهُمْ عن جَمِيْعِ النَّائِبَاتِ عَرِي
  فِيْهَا الوَصَائِفُ والْغِلْمَانُ تَخْدُمُهُمْ ... كلُؤْلُؤ في كَمَالِ الحُسْنِ مُنْتَثِر
  فِيْهَا الغِنَا والجَوَارِي الغَانِيَاتُ لَهُمْ ... بأحْسَنِ الذِكْرِ لِلْمَوْلَى مَعَ السَّمَر
  لِبَاسُهُمْ سُنْدُسٌ حُلاَهُمُ ذَهَبٌ ... وَلُؤْلُؤُ وَنَعِيْمٌ غَيْرُ مُنْحَصِر
  والذِكْرُ كَالنَّفَسِ الجَارِي بِلاَ تَعَبٍ ... وَنُزِّهُوا عَن كَلاَم اللَّغْوِ والهَذَر
  وأَكْلُهَا دَائِمٌ لاَ شَيْءَ مُنْقَطِعٌ ... كَرِّرْ أَحَادِيْثَهَا في أَطْيَبِ الخَبَر
  فِيْهَا مِنَ الخَيْرِ مَا لَمْ يَجْرِ في خَلَدٍ ... وَلَمْ يَكُنْ مُدْرَكًا لِلسَّمْعِ والبَصَر
  فِيْهَا رِضَا المَلكِ المَوْلَى بِلاَ غَضَبٍ ... سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ نَفْعٌ بِلاَ غِيَر
  ٥ - يَا مَنْ لَهَا إِنَّ المَحَاسِنَ كلَّهَا ... بدَارٍ بهَا مالا عَلَى القَلْبِ يَخْطُرُ
  وَلاَ سمِعَتْ أُذْنٌ وَلاَ الْعَيْنُ أَبْصَرَتْ ... وَمَا تشْتهيْهِ النَّفْسُ في الحَالِ يَحْضُرُ
  تَزِيْدُ بَهَاءً كُلَّ حِيْنٍ وَعَيْشُهَا" ... يَزِيْدُ صَفَاءً قطُّ لاَ يَتَكَدَّرُ
  مِنْ الدُّرِّ وَاليَاقُوْتِ تُبْنَى قُصًوْرُهَا ... وَمِنْ ذَهَبٍ مَعْ فِضَّةٍ لاَ تَغَيَّرُ
  وَمَا يُشْتَهَى مِنْ لَحْمِ طَيْر طَعَامُهَا ... وَفَاكِهةٍ مِمَّا لَهُ يُتَخَيَّرُ
  وَمَشْرُوْبُهَا كَافُوْرُهَا وَرَحٍيْقُهَا ... وَتَسْنِيْمُهَا والسَّلْسَبِيْلُ وَكَوْثَرُ
  وَمِنْ عَسَلٍ وَالخَمْر نَهْرَانِ جَوْفُهَا ... وَنَهْرَانِ ألبَانٌ وَمَاءٌ يُفْجَّرُ
  وغَالي حريرِ فُرُشُهَا ولباسُها ... وحَصبَاؤُهَا والتُربُ مسكٌ وجوهرُ
  ومنْ زَعْفَرَانٍ نَبْتُهَا وَحَشٍيْشُهَا ... وَمِنْ جَوْهَرٍ أَشْجَارُهَا تِلْكَ تُثْمِرُ
  فَوَاكِهُ تَكْفِي حَبَّةٌ لِقَبِيْلَةٍ ... أُدِيْمَتْ أُبِيْحَتْ لا تُبَاعُ وَتُحْجَرُ
  وَأَكْوَابُهَا مَنُ فِضَّةٍ لاَ كَبِيْرَةٍ ... عَلى شَارِب مِنْهَا وَلا هِيَ تَصْغُرُ
  وَمِنْ ذَهَبٍ زَاهِي الجَمَالِ صِحَافُهَا ... يَلِذُّ بِهَا عَيْشٌ بِهِ العَيْنُ تَقْرُرُ
  وَأَزْوَاجُهُا حُوْرٌ حٍسَانٌ كَوَاعِبٌ ... رَعَابِيْبُ أَبْكَارٌ بِهَا النُّوْرُ يَزْهُرُ
  هَرَاكِيْلُ خُودَاتٌ وَغيدٌ وخُرَّدٌ ... مَدَى الدَّهْرِ لاَ تَبْلَىَ وَلا تَتَغَيَّرُ
  نَشَتْ عُرُبًا أَتْرَاب سِنٍّ قَوَاصِرٍ ... لِطَرْفٍ كَحِيْلٍ لِلْمَلاحَةِ يَفْتُرُ
  عَوَالي الحُلَى وَالحَلْيُ عَيْنٌ فَوَاخِرٌ ... زَكَتْ طَهُرَتْ مِنْ كُلِّ مَا يُتَقَذَّرُ