حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث السادس: في تقديم المسند إليه]

صفحة 101 - الجزء 1

  منها: أن تقديمه الأصل⁣(⁣١) - لأنه المحكوم عليه، ولابد من تحققه قبل الحكم، فقصدوا أن يكون في الذكر أيضًا مقدمًا⁣(⁣٢) - ولا مقتضي للعدول عنه⁣(⁣٣)؛ إذ لو كان أمر يقتضي العدول عنه فلا يقدم، كما في الفاعل، فإن مرتبة العامل التقدم على المعمول.

  ومنها: تمكن الخبر في ذهن السامع؛ لأن في المبتدأ تَشْويقًا⁣(⁣٤) إليه، كقوله [الخفيف]:

  والذي حَارَتِ البَرِيَّةُ فِيهِ ... حَيَوَانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ جَمَادِ⁣(⁣٥)

  أي: الإنسان من حيث عوده بعد الفناء، يعني: تحيرت الخلائق في المعاد الجسماني. وليس المراد آدم، ولا غيره مما قيل⁣(⁣٦).

  ومنها: التلذذ بذكره⁣(⁣٧)، نحو: «محمد حبيبنا».

  ومنها: التشريف، أي: التعظيم⁣(⁣٨)، نحو: «محمد نبينا».

  ومنها: الحط، أي: التحقير، نحو: «مسيلمة كذاب».

  ومنها: الاهتمام، وهو أعم الجهات، أي: جهات التقديم، وكلها من أفراده،


(١) أي: الراجح في نظر الواضع. دسوقي.

(٢) أي: قصدوا في اللفظ أن يكون ذكره قبل ذكر الحكم عليه. مطول.

(٣) أي: عن ذلك الأصل الذي هو التقديم، فهذه الجملة حال من الأصل، والعامل فيها أنَّ، أي: والحال أنه ليس هناك نكتة تقتضي العدول عن ذلك الأصل، أما لو وجدت نكتة من نكات التأخير فلا يقدم؛ لأن الأصالة نكتة ضعيفة فيرجح عليها غيرها بمجردها.

(٤) أي: لما معه من الوصف الموجب لذلك، أو الصلة كذلك.

(٥) فكون المسند إليه موصوفا بحيرة البرية فيه يوجب الاشتياق إلى أن الخبر عنه ما هو؟ وقوله: «حيوان مستحدث من جماد» خبر مسوق بعد التشويق إليه فيتمكن في ذهن السامع. يعقوبي.

(٦) من نحو قولهم: إنه ثعبان موسى #، أو ناقة صالح #، أو طائر بالهند يضرب به المثل في البياض يعيش ألف سنة ثم يلهمه الله بأنه يموت فيجمع الحطب حواليه فيضرب بجناحيه على الحطب حتى تخرج منه النار ثم يحترق فيها. مخلوف.

(٧) هو يحصل بذكر المتلذَّذ به مطلقاً، فالظاهر أن المراد تعجيله، ولك أن تقدر إيهام؛ بناء على أن المراد التلذذ الحسي. مخلوف.

(٨) أي: إظهار تعظيمه، أي: التعظيم المستفاد من جوهر لفظ المسند إليه، نحو: أبو الفضل، أو الإضافة نحو: ابن السلطان، أو بوصفه نحو: رجل فاضل، وكذا الحط نحو: مسيلمة، وابن الحجام، ورجل جاهل. مخلوف بتصرف.