فصل في تحسين الاستعارة
  وهذا مذهب السكاكي، وهو مردود(١) كالأول، والثاني مذهب السلف، وهو المختار(٢).
  وقوله: (أشرقت) بعد ما قبله: شاهد ثانٍ، حيث شبه الحضرة بالشمس تشبيها مضمرًا في النفس، وأثبت ما هو من لوازم المشبه به وهو الأنوار، المنصوب(٣) على نزع الخافض.
  قال:
فَصْلٌ فِي تَحْسِينِ الاسْتِعَارَةِ
  مُحَسِّنُ اسْتِعَارَةٍ تَدْرِيهِ ... بِرَعْي وَجْهِ الْحُسْنِ لِلتَّشْبِيهِ(٤)
  وَالْبُعْدِ عَنْ رَائِحَةِ التَّشْبِيهِ فِي ... لَفْظٍ وَلَيْسَ الْوَجْهُ إلْغَازًا قُفِي
  أقول: حسن الاستعارة إنما يكون برعاية جهات حسن التشبيه، بأن يكون وجه الشبه شاملا للطرفين، والتشبيه وافيا بما علق به من الغرض، وبأن لا يشم رائحته لفظا؛ لأن ذلك يبطل الغرض من الاستعارة، أعني ادعاء دخول المشبه في جنس
= نفس المشبه مدعى كونه فرداً من المشبه به، ويستعار لفظ المشبه للمشبه به الادعائي، فالاستعارة هي لفظ المشبه المستعمل في المشبه به بادعاء أن المشبه عين المشبه به وإنكار أن يكون شيئا آخر؛ بقرينة إضافة ملائم المشبه به إليه. مخلوف.
(١) أي: بأن لفظ المشبه به مستعمل فيما وضع له تحقيقا؛ للقطع بأن المراد بالمنية هو الموت لا غير، غاية الأمر أنا ادعينا اتحاد الموت بالسبع، والاستعارة ليست كذلك؛ لأنه فسرها بأن تذكر أحد طرفي التشبيه وتريد الطرف الآخر. من الأصل والسعد مع زيادة. مخلوف.
(٢) خلاصة الكلام: أن في تعريف المكنية ثلاثة مذاهب:
١ - عند الخطيب القزويني - وهو «صاحب الأصل» المشار إليه بقوله: «وتبع المصنف الأصل» أي: كتاب التلخيص للقزويني -: أن المكنية هي التشبيه المضمرُ في النفس المرموزُ إليه بإثبات لازم المشبه به للمشبه.
٢ - عند القدماء: أن المكنية اسم المشبه به المستعار في النفس للمشبه.
٣ - عند السكاكي: أن المكنية هي لفظ المشبه مرادًا به المشبه به.
(٣) أي: في قول الناظم: وَ «أَشْرَقَتْ حَضْرَتُنَا أَنْوَارَهَا»؛ فالتقدير: بأنوارها، ثم نزع حرف الجر فنُصِبَ «أنوارها».
(٤) قوله: «للتشبيه» حال من «وجه»، وقوله: «وليس الوجه» معطوف باعتبار معناه على رعي، أي: وعدم كون الوجه إلغازًا. وقوله: «قفي» أي: اتُّبِع ذلك الشرطُ وعُمِلَ بمقتضاه. ع ق. مخلوف.