خاتمة
  قال:
خَاتِمَةٌ
  وَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْكَلامِ ... تَأَنُّقٌ فِي الْبَدْءِ وَالْخِتَامِ
  بِمَطْلَعٍ حَسَنٍ وَحُسْنِ الْقَالِ ... وَسَبْكٍ اوْ بَرَاعَةِ اسْتِهْلالِ
  وَالْحُسْنُ فِي تَخَلُّصٍ أَو اقْتِضَابْ ... وَفِي الَّذِي يَدْعُونَهُ فَصْلَ الْخِطَابْ
  وَمِنْ سِمَاتِ الْحُسْنِ فِي الْخِتَامِ ... إِرْدَافُهُ بِمُشْعِرِ التَّمَام
  أقول: ينبغي للمتكلم أن يتأنق(١) - أي: يتتبع الآنَقَ والأحسنَ - في أول كلامه وآخره، فالأول: موجب لإقبال نفس السامع. والثاني: يزيدها إقبالا على ما مضى، وجابرٌ(٢) لما قد يقع قبله من التقصير في التعبير.
  فالأول يكون بحسن الابتداء؛ لأنه أول ما يقرع السمع. وأحسنه ما يسمى: بالمطلع، ويسمى: بالإلماع، ويسمى: براعة(٣) الاستهلال، وهو أن يقدم في أول كلامه إشارة إلى ما سيق الكلام لأجله، كقوله في التهنئة:
  بشرى فقد أنجز الإقبال ما وعدا ... وكوكب المجد في أفق العلا صعدا(٤)
  ومنه(٥): مطلع سورة النور(٦).
  ومن محاسن الابتداء: صنعة الانتقال من المطلع إلى المقصود وهو ثلاثة أقسام:
(١) يقال: تأنق في الروضة، إذا وقع فيها متتبعًا لما يؤنقه، أي: يعجبه. مطول.
(٢) قوله: «وجابرٌ» عطف على «يزيدها» من عطف شبه الفعل عليه.
(٣) من قولهم: برع الرجل براعة، إذا فاق أصحابه في العلم أو غيره.
(٤) البيت لأبي محمد الخازن، هَنَّأ به الصاحب بن عباد بمولود له. وإنما كان من البراعة لأنه يشعر بأن ثم أمرا مسرورا به، وأنه أمر حدث وهو رفيع في نفسه يهنأ به ويبشر، ففيه الإيماء إلى التهنئة والبشرى التي هي المقصود من القصيدة. يعقوبي.
(٥) أي: من براعة الاستهلال.
(٦) لما كان لها تعلق بالرمي بالزنا صدرت بحكم الزنا والرمي به. مخلوف.