الباب السابع: الفصل والوصل
  وإظهار الحرص في وقوعه، كقولك لمن استبطأك: «أتيتك(١)».
  والتصديق(٢)، كقولك لمن لا يحب تكذيبك: «تأتينا غدًا» فتحمله على المجيء بلطفٍ؛ لاعتيادك تصديقه إياك.
  والتأدب مع المخاطب بترك صيغة الأمر، نحو: «أمير المؤمنين يقضي حاجتي».
  ثم إن كثيرًا من الاعتبارات(٣) المذكورة في الأبواب السابقة(٤) تجري في الإنشاء، كالتقديم والتأخير والقصر، فقسها عليها.
  قال:
الْبَابُ السَّابِعُ: الْفَصْلُ وَالْوَصْلُ
  الْفَصْلُ تَرْكُ عَطْفِ جُمْلَةٍ أَتَتْ ... مِنْ بَعْدِ أُخْرَى عَكْسُ(٥) وَصْلٍ قَدْ ثَبَتْ
  أقول: الفصل لغة: القطع. وفي الاصطلاح: ترك عطف جملة على أخرى.
  والوصل لغة: الجمع. وفي الاصطلاح: عطف بعض الجمل على بعض.
  مثال الأول: «عمرا أهنته زيدا ضربته».
  ومثال الثاني: «زيد قائم وعمرو جالس».
  وهذا الباب أغمض أبواب المعاني حتى قيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال: معرفة الفصل والوصل.
  قال:
= بتحققه، قاله اليعقوبي. وظاهر أن العلاقة بين الخبر والطلب الضدية. مخلوف.
(١) في كون صيغة الخبر مستعملة في الطلب في هذا المثال نظر ظاهر، والظاهر أنه مما استعمل فيه الماضي موضع المستقبل إشارة إلى قرب وقوعه جدا، فالمناسب التمثيل بنحو: «رزقني الله لقاءك». مخلوف.
(٢) أي: حمل المخاطب على التصديق للمتكلم بإتيانه - مثلا - المطلوب للمتكلم. وقوله: «فتحمله على المجيء ... إلخ» أي: لأنه إن لم يأت صرت كاذبا من حيث الظاهر؛ لكون كلامك في صورة الخبر.
(٣) أي: المعتبرات. مخلوف.
(٤) يعني أحوال الإسناد الخبري، والمسند، والمسند إليه، ومتعلقات الفعل، والقصر، فإن الإسناد الإنشائي أيضًا إما مؤكد أو غير مؤكد. وكذا المسند إليه إما مذكور أو محذوف، مقدم أو مؤخر، معرف أو مُنَّكر، إلى غير ذلك. وكذا المسند اسم أو فعل، مطلق أو مقيد بمفعول أو شرط أو غيره، وإسناده وتعلقه أيضًا إما بقصر أو بغير قصر. المطول.
(٥) قوله: «عكس وصل» خبر لمحذوف، أي: وهو عكس وصل، وقوله: «قد ثبت» صفة لوصل، أي: ثبت عندهم وتقررت حقيقته. مخلوف.