حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث الثاني: ذكر المسند]

صفحة 116 - الجزء 1

[البحث الثاني: ذكر المسند]

  قال:

  وذِكْرُه لِمَا مَضى أَوْ لِيُرى ... فِعْلًا أَوِ اسْمًا فَيُفيدُ المُخْبَرا

  أقول: البحث الثاني: في ذكره، وذلك للنكت الماضية في ذكر المسند إليه، من كون الذكر الأصل مع عدم المقتضي للعدول عنه⁣(⁣١)، ومن الاحتياط لضعف التعويل على القرينة، ومن التعريض بغباوة السامع⁣(⁣٢)، وغير ذلك، نحو: «جاء زيد⁣(⁣٣)» في جواب: «من جاء؟».

  ويُزاد هنا: أنه يذكر ليرى - أي: يعلم - أنه فِعلٌ فيفيد التجدد والحدوث، أو اسمٌ فيفيد الثبوت، فيفيد المخبَر - بفتح الباء - أي: السامع - فائدة زائدة على ما تقدم؛ لأنه⁣(⁣٤) إذا حذف لا يُدرى هل هو اسم أو فعل؟

  مثال الأول: «زيد قائم»، فهذه الجملة تدل على ثبوت القيام لزيد؛ لأن أصل الاسم مشتقًا كان أو لا الدلالة على الثبوت؛ لعدم دلالته على الاقتران بالزمان.

  ومثال الثاني: «زيد قام»، فإنها تدل على تجدد القيام وحدوثه لزيد؛ لدلالة الفعل على الاقتران بالزمان. فلو كان المسند ظرفًا، نحو: «الفوز لمن رضي عنه مولاه» احتمل الثبوت والتجدد، بحسب المتعلق، أي: حاصل أو حصل⁣(⁣٥).

  فإن قلت: المشهور أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت، فكيف جعلتها في نحو: «زيد قام» دالة على الحدوث؟


(١) نحو: «العلم خيرٌ من المال».

(٢) نحو قوله تعالى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}⁣[الأنبياء ٦٣] بعد قوله تعالى: {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ}⁣[الأنبياء ٦٢].

(٣) هذا المثال يصلح للتعريض بغباوة السامع، وللاحتياط لضعف الاعتماد على القرينة.

(٤) تعليل لترتب الإفادة المذكورة على الذكر، وأراد «لا يدرى» صريحا كما علمت. مخلوف.

(٥) يفيد الثبوت إذا قلنا: إن الجار والمجرور - لمن - متعلق بمحذوف تقديره: حاصل، ويفيد التجدد إذا قلنا: إن الجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: حَصَلَ.