حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الفن الثالث: علم البديع

صفحة 189 - الجزء 1

  قال:

الفَنُّ الثَّالِثُ: عِلْمُ البَدِيعِ

  عِلْمٌ بِهِ وُجُوهُ تَحْسِينِ الكلامِ ... تُعْرَفُ⁣(⁣١) بَعْدَ رَعْيِ⁣(⁣٢) سَابِقِ المَرَام

  ثُمَّ وُجُوهُ حُسْنِهِ⁣(⁣٣) ضَرْبَانِ ... بِحَسَبِ الأَلْفَاظِ وَالمَعَانِي

  أقول: تقدم أن فن البديع ليس جزءا من البلاغة، بل هو تابع لها فالنظر فيه فرع النظر فيها، فلذلك أخِّر.

  وهو: علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة⁣(⁣٤).

  فقوله: (علم): خبر مبتدأ محذوف، ودليل مفاده الترجمة. و (سابق المرام): أي: المطلوب السابق، وهو المطابقة ووضوح الدلالة اللذان هما مفادان للفنين قبله.

  ثم وجوه التحسين:

  منها: ما يتعلق باللفظ فيكسوه حسنا وجمالا، كالجناس التام.

  ومنها: ما يتعلق بالمعنى كذلك، كالمطابقة. وسيأتي مثالهما.

  وقدم الألفاظ في البيت لأنها طريق للمعاني، وأخَّر الكلام على ما يتعلق بها اهتماما بشأن المعاني؛ لأنها المقصودة أولًا بالذات، وقصد الألفاظ عرضي.

  قال:


(١) قوله: «تعرف» أي: تتصور معانيها وتعلم أعدادها بقدر الطاقة. سعد.

(٢) قوله: «بعد رعي ... إلخ» متعلق بـ «تحسين»، فقد أفاد أن هذه المحسنات إنما تعد محسنة بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة. أفاده السعد. مخلوف.

(٣) قوله: «حسنه» أي: الكلام البليغ. مخلوف.

(٤) أي: وضوح الدلالة على المعنى المراد.