الباب الثاني الحقيقة والمجاز
  نحو: «زيد كالبدر». وسمي مرسلا لإرساله عن التأكيد المقتضي(١) بظاهره أن المشبه عين المشبه به.
  ثم من التشبيه ما هو مقبول: وهو الوافي بأي غرض من الأغراض المتقدمة(٢)، ومنه ما هو مردود: وهو عكسه، أي: الغير الوافي بذلك(٣).
  والبليغ من التشبيه: ما حذف منه وجه الشبه وأداة التشبيه، نحو: «زيد أسد»، أو مع حذف المشبه، نحو: «أسد» في مقام الإخبار عن زيد.
  و (يليه): حذف أحدهما، أي: الوجه أو الأداة، أي: فقط أو مع حذف المشبه، نحو: «زيد كالأسد»، ونحو: «كالأسد» عند الإخبار عن زيد، ونحو: «زيد أسد في الشجاعة»، ونحو: «أسد في الشجاعة» عند الإخبار عن زيد.
  ولا قوة لذكرهما معًا مع ذكر المشبه أو بدونه، نحو: «زيد كالأسد في الشجاعة»، ونحو: «كالأسد في الشجاعة» خبرًا عن زيد.
  قال:
الْبَابُ الْثَانِي الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ
  حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا وُضِعْ ... لَهُ بِعُرْفِ ذِي الْخِطَابِ فَاتَّبِعْ
  أقول: المقصود من هذا البحث: المجاز؛ إذ به يتأتى اختلاف الطرق، فذكر الحقيقة لمقابلتها له، لا لتوقفه عليها؛ لأن التحقيق عدم التوقف(٤).
(١) قوله: «المقتضي ... إلخ» ظاهره أن المقتضي وصف للتأكيد، وعبارة السعد: فصار مرسلا عن التأكيد المستفاد من حذف الأداة المشعر بحسب الظاهر بأن ... الخ، فهو فيها وصف للحذف، وهذا هو المتعين؛ لأن التأكيد إنما حصل من الحذف بسبب هذا الإشعار بالعينية، فليس هو المقتضي لها، تأمل. مخلوف.
(٢) أ) كأن يكون المشبه به أعرف من المشبه في وجه الشبه إذا كان الغرض بيان حال المشبه أو بيان المقدار.
ب) أو أن يكون المشبه به أتمَّ شيء في وجه الشبه إذا قصد إلحاق الناقص بالكامل.
ج) أو أن يكون المشبه به في بيان الإمكان مسلم الحكم ومعروفًا عند المخاطب إذا كان الغرض بيان إمكان الوجود.
(٣) كما في تشبيه الممدوح بفوقه الأقران بإنسان آخر لا يسلم فيه الوجه. ع ق. مخلوف.
(٤) اعلم أن الحقيقة لا تستلزم المجاز اتفاقًا؛ إذ من الحقائق ما لا مجاز له، واختلف في استلزام المجاز للحقيقة: فالجمهور: لا يلزم أن يكون للمجاز حقيقة، فقد يوجد المجاز ولا حقيقة له، كـ «رحمن» فإنه مجاز في الباري تعالى ولم يستعمل في حقه على الحقيقة؛ إذ معناه ذو الرحمة، ومعناها الحقيقي لا وجود له فيه تعالى؛ لأن معناها رقة القلب، ولم يستعمل في غيره تعالى. ومنهم من يقول بأنه من المحال أن يكون =