[بلاغة الكلام والمتكلم]
  والملكة: هي الكيفية(١) الراسخة في النفس(٢). والكيفية: عَرَضٌ لا يتوقف تعقله على تعقل غيره، ولا يقتضي القسمة واللاقسمة اقتضاء أوليًّا. فخرج بالقيد الأول الأعراض النسبية، وهي: الإضافة، والملك، والفعل، والانفعال، والأين، والمتى، والوضع. وبالقيد الثاني(٣): الكم(٤)، متصلا كان أو منفصلا. وبالثالث(٥): النقطة(٦).
  وبالقيد الرابع(٧): دخل مثل العلم بالمعلومات المقتضية للقسمة واللاقسمة، فإن اقتضاء العلم لذلك ثانوي بواسطة المعلوم. فعلم أن مَن تكلم بالفصيح وليس له ملكة غير فصيح، ومن له ملكة فهو فصيح، تكلم أو لا.
[بلاغة الكلام والمتكلم]
  قال:
  وجَعَلوا بَلاغَةَ الكلام ... طِباقَهُ لِمُقتَضَى المقام
  أقول: بلاغة الكلام: مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته.
(١) قوله: «كيفية» أي: صفة وجودية، ولم يقل: الملكة صفة؛ إشارة إلى أن الملكة من مقولة الكيف الذي هو مع الكم من الأعراض الغير النسبية. والنسبية سبعة: ١) الإضافة. ٢) المتى «الزمان». ٣) الأين «المكان». ٤) الوضع. ٥) الملك. ٦) الفعل. ٧) الانفعال. ومجموع المقالات تسع، هؤلاء السبع، ومقولتا الكم، والكيف، وهذا الكلام من مواضع علم المنطق فلا طائل تحته. وقوله: «في النفس»: أي: لا في الجسم كالبياض؛ لأن الكيفية إذا استقرت في النفس قيل: ملكة، وإن اختصت بالجسم عُبِّر عنها بكيفية أو عرض.
(٢) يعني ليست صفة توجد في حالٍ ثم تُفقد؛ وإنما هي راسخة في النفس، متى ما أراد أن يتكلم بكلام فصيح تكلَّم، فهي صفة ثابتة فيه ..
(٣) وهو قوله: «ولا يقتضي القسمة».
(٤) خرج «الكم» لأنه عرض يقبل القسمة لذاته كالأعداد، والمقادير كالخط والسطح. فالخط: ما تركب من أزيد من نقطة، والسطح: ما تركب من أزيد من خط، فللخط طول فقط، وللسطح طول وعرض. حاشية دسوقي.
(٥) وهو قوله: «واللاقسمة».
(٦) «النقطة»: هي طرف الخط وغايته، فلا تقبل القسمة في جهة قط.
(٧) وهو قوله: «اقتضاء أوليا».