حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في السجع

صفحة 213 - الجزء 1

  قال:

فَصْلٌ: فِي السَّجْعِ

  وَالسَّجْعُ فِي فَوَاصِلٍ فِي النَّثْرِ ... مُشْبِهَةٍ قَافِيَةً فِي الشِّعْرِ

  ضُرُوبُهُ ثَلاثَةٌ فِي الْفَنِّ ... مُطَرَّفٌ مَعَ اخْتِلافِ الْوَزْنِ

  مُرَصَّعٌ إِنْ كَانَ مَا فِي الثَّانِيَةْ ... أَوْ جُلُّهُ عَلَى وِفَاقِ الْمَاضِيَةْ

  وَمَا سِوَاهُ الْمُتَوَازِي فَادْرِ ... كَـ: {سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} فِي الذِّكْر

  أقول: من الجناس اللفظي: السجع، وهو توافق الفاصلتين من النثر على حرف واحد، وهذا معنى قول السكاكي: هو في النثر كالقافية في الشعر⁣(⁣١). وهو ثلاثة أضرب:

  الأول: الْمُطَرَّف: إن كانا مختلفين في الوزن، نحو: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ١٣ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا⁣(⁣٢) ١٤}⁣[نوح].

  والثاني: الْمُرَصَّع⁣(⁣٣)، وهو ما استوت فواصله في الوزن والتقفية⁣(⁣٤)، وكان كل ما في إحدى الفقرتين أو جله من الألفاظ مثل ما يقابله من الأخرى، كقول الحريري: «فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ويقرع الأسماع بزواجر وعظه⁣(⁣٥)».

  الثالث: المتوازي، وهو أن تستوي الفاصلتان في اللفظ ولم توافق سائر ألفاظ إحداهما ولا جُلُّها ما يقابلها من أختها⁣(⁣٦) في الوزن والتقفية، نحو: {فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ١٣ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ⁣(⁣٧) ١٤}⁣[الغاشية].


(١) يعني كما أن القوافي هي الألفاظ المتوافقة في أواخر الأبيات كذلك الأسجاع هي الألفاظ المتوافقة في أواخر الفِقَر. مطول.

(٢) فإن الفاصلة الأولى على وزن فعالا، والثانية على وزن أفعالا. مخلوف.

(٣) وبعبارة أسهل: هو عبارة عن مقابلة كل لفظة من فقرة النثر أو صدر البيت بلفظة على وزنها ورويها.

(٤) أي: التوافق على الحرف الأخير. والمراد بالوزن هنا الوزن العروضي وليس التصريفي.

(٥) فجميع ما في الفقرة الثانية يوافق ما يقابله من الأولى في الوزن والتقفية: فـ «يقرع» بإزاء «يطبع»، و «الأسماع»، في مقابلة «الأسجاع» و «زواجر» بإزاء «جواهر»، و «وعظه» في مقابلة «لفظه». وأما لفظة «فهو» فلا يقابلها شيء من الفقرة الأولى. ومعنى يطبع: يعمل، ويقرع: يدق.

(٦) أي: لم يكن ما في إحدى الفقرتين ولا أكثره مثل ما يقابله من الأخرى. مطول.

(٧) لاتفاقهما في: «مرفوعة»، و: «موضوعة»، واختلافهما في: «سرر»، و: «أكواب» في الوزن والتقفية. مختصر السعد.