حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل في أداة التشبيه وغايته وأقسامه

صفحة 160 - الجزء 1

  وهو الحمل للتوراة لأنها بأيديهم، ومحمول مخصوص وهو التوراة المشتملة على العلوم وكون اليهود جاهلين بما فيها حقيقة أو حكما⁣(⁣١) لعدم عملهم بمقتضاها.

  ومثال المتعدد الحسي: تشبيه فاكهة بأخرى في اللون والطعم والرائحة.

  والعقلي: تشبيه رجل بآخر في العلم والحلم والحياء.

  ومثال المتعدد المختلف: حسن الطلعة وكمال الشرف⁣(⁣٢) في تشبيه رجل بالشمس.

  ثم وجه الشبه يكون مأخوذًا من التضاد فينزل⁣(⁣٣) منزلة التناسب، فيشبه الشيء بما قام به معنى مضاد لما قام بذلك المشبه، وذلك إذا كان القصد التهكم - أي: الاستهزاء بالمشبه - أو التمليح، أي: جعل الكلام مليحاً مستظرفاً، كتشبيه البخيل بحاتم، فإن كان القصد السخرية فالأول، أو الانبساط مع المخاطب فالثاني.

  فالتمليح هنا بتقديم الميم، خلاف ما يأتي في البديع فإنه بتقديم اللام.

  قال:

فَصْلٌ فِي أَدَاةِ التَّشْبِيهِ وَغَايَتِهِ وَأَقْسَامِهِ

  أَدَاتُهُ كَافٌ كَأَنَّ مِثْلُ ... وَكُلُّ مَا ضَاهَاهُ ثُمَّ الاَصْلُ

  إِيلاءُ مَا كَالْكَافِ⁣(⁣٤) مَا شُبِّهَ بِهْ ... بِعَكْسِ مَا سِوَاهُ فَاعْلَمْ وَانْتَبِهْ

  أقول: أداة التشبيه: «الكاف» و «كأن» و «مثل» ونحوها مما يشتق من المماثلة كـ «نحو» و «مثل»⁣(⁣٥).


= يعلم فلا يتصف به الحمار. مخلوف.

(١) قوله: «حقيقة أو حكما» المناسب الاقتصار على «حكما» كما هو واضح، وقد اقتصر عليه غيره. مخلوف.

(٢) فحسن الطلعة حسي، وكمال الشرف عقلي، أي: شرفه واشتهاره به. والمراد بالطلعة: الوجه.

(٣) قوله: «فينزل» أي: التضاد. وليس وجه الشبه هو التضاد، بل نزلنا تضاد الوصفين كالجبن والشجاعة منزلة تناسبهما، وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة، فالجبان شجاع تنزيلا على سبيل الهزؤ والتمليح؛ فجاء الاشتراك.

(٤) قوله: «ما كالكاف» أي: من كل ما يدخل على المفرد كمشابه ومماثل، بخلاف ما يدخل على الجملة مثل كأنَّ، أو يكون جملة بنفسه كيشابه ويماثل ويضاهي، فإن هذه لا يليها المشبه به، بل المشبه. دسوقي.

(٥) قوله: «ومثل» المناسب حذفه لما في ذكره من تشبيه الشيء بنفسه. مخلوف.