حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[مما هو شبيه بالالتفات وليس منه]

صفحة 111 - الجزء 1

  الأولى: التعبير بواحد من المفرد والمثنى والمجموع عن آخر منها. وهو⁣(⁣١) من أنواع المجاز، بخلاف الالتفات والمسألة الآتية فإنهما حقيقتان.

  مثال المفرد عن المثنى: قول الأعشى [الوافر]:

  فَرَجِّي الخيرَ وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزي آبا

  وإنما هما: «القارظان»؛ لأن المثل: «حتى يؤوب القارظان⁣(⁣٢)».

  ومثاله عن الجمع [الطويل]:

  وذبيان قد زَلَّتْ بأقدامها النعلُ⁣(⁣٣)

  أي: النعال.

  ومثال المثنى عن المفرد: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ}⁣[ق ٢٤] أي: ألقِ.

  وعن الجمع: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}⁣[الملك ٤]؛ إذ المراد التكثير، لا مرتان.

  ومثال الجمع عن المفرد: {رَبِّ ارْجِعُونِ}⁣[المؤمنون ٩٩]، أي: ارجعني.

  وعن المثنى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}⁣[التحريم ٤] أي: قلباكما.

  الثانية: الانتقال من خطاب واحد من الثلاثة إلى آخر منها، مثاله من الخطاب لواحد إلى الاثنين: {لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ}⁣[يونس ٧٨].

  وإلى الجمع: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء}⁣[الطلاق ١].


(١) أي: التعبير المذكور من أنواع المجاز، والعلاقة في كل تركيب ما يناسبه، ففي {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ}⁣[الملك ٤] العلاقة اللزوم؛ لأن المراد لازم الكرتين وهو التعدد، ثم يصح كونه بمرتبة وبمرتبتين على ما لا يخفى. مخلوف.

(٢) هذا مثل يضرب لمن يغيب ولا يُرجى رجوعه. والقارظان: رجلان خرجا لجمع القرظ فلم يرجعا. لسان العرب مادة «قرظ» بتصرف.

(٣) هذا عجز بيت، وصدره:

تداركتُما عبسًا وقد ثُلَّ عرشها

وهو لزهير بن أبي سلمى، شاعر جاهلي من أصحاب المعلقات السبع.