حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث الأول: حذف المسند]

صفحة 115 - الجزء 1

  ويشترط للحذف قرينة تدل على المحذوف، كوقوع الكلام جوابًا لسؤال محقق أو مقدر⁣(⁣١).

  فالأول: نحو: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}⁣[لقمان ٢٥] أي: خلقهن الله، فحذف المسند؛ بدليل التصريح به في الآية الأخرى في قوله: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}⁣[الزخرف ٩] فهو فاعل⁣(⁣٢)، لا مبتدأ.

  والثاني: نحو [الطويل]:

  لِيُبْكَ⁣(⁣٣) يَزيدٌ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ ... وَمُخْتَبَطٌ مما تُطِيْحُ الطَّوَائِحُ⁣(⁣٤)

  والمختبط: الذي يأتي إليك للمعروف من غير وسيلة⁣(⁣٥)، وتطيح: من الإطاحة وهي الإذهاب والإهلاك، فالطوائح: جمع مطيحة على غير قياس⁣(⁣٦)، فـ «مختبط» معطوف على «ضارع». ومقصود الشاعر: أنه ينبغي أن يبكي على يزيد رجلان: ذليلٌ؛ لكونه الناصر له، وفقيرٌ أصابته حوادث الزمان فأهلكت ماله وأذهبته؛ لأنه كان ناصر كل ذليل، وجابر فقر كل فقير. وهذا على قراءة: «ليُبكَ» بصيغة المبني للمجهول، ولو قرئ بصيغة المبني للفاعل، و «يزيد» مفعول مقدم، و «ضارع» فاعل مؤخر - لم يكن مما نحن بصدده.


(١) ليس المراد المقدر في نظم الكلام، بل السؤال المعنوي الناشئ عن المقام. من الأطول.

(٢) أي: لفظ الجلالة «الله» فاعل لفعل محذوف التقدير: ليقولن خلقهن الله.

(٣) على صيغة المبني للمجهول، و «يزيد» نائب فاعل، فكأنه قيل: مَن يَبكه؟ فقال: ضارع.

(٤) البيت للحارث بن نهيك النهشلي، وينسب لمزرد أخي الشماخ، ويروى لنهشل بن حري، منسوب إلى الحرة، يرثي يزيد القاضي القيسي. إيضاح شواهد الإيضاح ص ١١ تحقيق د. الدعجاني.

(٥) أي: أخفى عن الناس سؤاله؛ لأنه كان أهل ثروة وابتليَ بالسؤال؛ لأجل إهلاك المهلكات ماله. مخلوف.

(٦) والقياس مطيحات، وقيل: مطاوح.