حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[البحث الرابع: في تقييد المسند]

صفحة 119 - الجزء 1

  لأغراض تتعلق بذلك⁣(⁣١) كقوله [البسيط]:

  لا يألفُ الدِّرهَمُ المضرُوبُ صُرَّتَنا ... لَكنْ يَمُرُّ عليها وَهوَ مُنطَلِقُ⁣(⁣٢)

  يعني أنَّ الانطلاق من الصرة ثابت للدرهم من غير اعتبار تجدد.

[البحث الرابع: في تقييد المسند]

  قال:

  ....................... ... وَقَيَّدوا كَالفِعْلِ رَعْياً لِلتَّمامْ

  وَتَركوا تَقييدَهُ لِنُكْتَةِ ... كَسُتْرَةٍ أَوِ انْتهازِ فُرْصَة

  أقول: البحث الرابع في تقييده - سواء كان اسمًا أو فعلًا⁣(⁣٣) يعمل عمله - بواحد من المفاعيل الخمسة أو شبهها كالحال والتمييز والاستثناء؛ وذلك لتتميم الفائدة وتقويتها؛ لأنه كلما ازداد خصوصًا زاد بُعدًا عن الاحتمال، وكلما بعد عن الاحتمال قويت الفائدة، فإن قولك: «ضربت زيدًا» أخص من: «ضربت»، وأقوى فائدة، وكذا: «ضربته ضربًا شديدًا» أخص من الفعل وحده؛ لإفادة نوع من الضرب، وقس بقية المقيدات.

  فقوله: (كالفعل) أي: شبه الفعل، أي: الفعل وشبهه، من اسم فاعل، أو مفعول، أو غير ذلك من كل ما يعمل عمله⁣(⁣٤). ولم يبين المقيد به للعلم به من علم النحو، ويستثنى - من شبه⁣(⁣٥) المفعول به - خبر «كان» في نحو: «كان زيد قائمًا»، فإن التقييد به ليس لتمام الفائدة لعدمها بدونه⁣(⁣٦)؛ لأنه هو المسند⁣(⁣٧)، فهو ليس


(١) أي: كما إذا كان المقام يقتضي كمال الذم أو المدح أو نحو ذلك مما يناسبه الدوام والثبات. دسوقي.

(٢) البيت للنضر بن جؤبة. انظر دلائل الإعجاز ص ١٤١ والإيضاح ص ٩٥.

(٣) المناسب تقديم الفعل على الاسم؛ لأنه الأصل في العمل فيحمل عليه غيره كما لا يخفى. مخلوف.

(٤) اسم التفضيل والصفة المشبهة والمصدر وصيغ المبالغة واسم الفعل.

(٥) أي: من حيث الانتصاب.

(٦) إذ لا فائدة في نحو: «كان زيد» بدون الخبر.

(٧) أي: الخبر هو المسند؛ لأن أصل الكلام «زيد قائم».