حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب السابع: الفصل والوصل

صفحة 145 - الجزء 1

  لم يعطف «أراها» على «تظن» مع أن بينهما مناسبة في المسند⁣(⁣١) والمسند إليه؛ لئلا يتوهم عطفه على «أبغي». فيكون من مظنونات سلمى، وهو⁣(⁣٢) خلاف المقصود؛ إذ المقصود أنه يظنها كذلك.

  قال:

  وَصِلْ لَدَى التَّشْرِيكِ فِي الإعْرَابِ ... وَقَصْدِ رَفْعِ اللَّبْسِ في الجَوَابِ

  وَفِي اتِّفَاقٍ مَعَ الاتِّصَالِ ... فِي عَقْلٍ أوْ فِي وَهْمٍ أوْ خَيَال

  أقول: ذكر في هذين البيتين مقتضيات الوصل:

  منها: أن يكون للأولى محل من الإعراب كأن تكون خبرًا ويقصد تشريك الثانية لها في حكم⁣(⁣٣) ذلك الإعراب، نحو: «زيد قام أبوه وقعد أخوه».

  ومنها: القصد لرفع إيهام خلاف المراد من الجواب⁣(⁣٤)، كما إذا قيل لك: «هل قام زيد؟» وقلت: «لا» وأردت أن تدعو للسائل فلابد من الوصل فتقول: «لا ورعاك الله»؛ إذ لو فصلت لتوهم أنه دعاء على المخاطب بعدم الرعاية، ولولا هذا الإيهام لوجب الفصل؛ لاختلافهما خبرًا وإنشاء.

  ومنها: أن تتفق الجملتان في الخبرية والإنشائية مع الاتصال⁣(⁣٥)، أي: الجامع بينهما من عقل أو وهم أو خيال، نحو: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، والجامع بينهما التضاد، ونحو: {وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا}⁣[الأعراف ٣١] والجامع كذلك، وهو وهمي.

  والكلامُ على القوى الباطنية التي أثبتها الحكماء وبيان الجامع العقلي والوهمي


(١) قوله: «في المسند» لاتحاد مسند كل مع مسند الأخرى في الحدث؛ لأن معنى أراها: أظنها. وقوله: «والمسند إليه» لأنه في الأولى محبوب وفي الثانية محب. مخلوف.

(٢) قوله: «وهو» أي: كون أراها ... الخ من مظنونات سلمى. مخلوف.

(٣) قوله: «في حكم ... إلخ» وهو الخبرية في المثال.

(٤) وهذا هو المسمى بكمال الانقطاع مع الإيهام.

(٥) وهذا هو المسمى بالتوسط بين الكمالين.