الباب السابع: الفصل والوصل
  لم يعطف «أراها» على «تظن» مع أن بينهما مناسبة في المسند(١) والمسند إليه؛ لئلا يتوهم عطفه على «أبغي». فيكون من مظنونات سلمى، وهو(٢) خلاف المقصود؛ إذ المقصود أنه يظنها كذلك.
  قال:
  وَصِلْ لَدَى التَّشْرِيكِ فِي الإعْرَابِ ... وَقَصْدِ رَفْعِ اللَّبْسِ في الجَوَابِ
  وَفِي اتِّفَاقٍ مَعَ الاتِّصَالِ ... فِي عَقْلٍ أوْ فِي وَهْمٍ أوْ خَيَال
  أقول: ذكر في هذين البيتين مقتضيات الوصل:
  منها: أن يكون للأولى محل من الإعراب كأن تكون خبرًا ويقصد تشريك الثانية لها في حكم(٣) ذلك الإعراب، نحو: «زيد قام أبوه وقعد أخوه».
  ومنها: القصد لرفع إيهام خلاف المراد من الجواب(٤)، كما إذا قيل لك: «هل قام زيد؟» وقلت: «لا» وأردت أن تدعو للسائل فلابد من الوصل فتقول: «لا ورعاك الله»؛ إذ لو فصلت لتوهم أنه دعاء على المخاطب بعدم الرعاية، ولولا هذا الإيهام لوجب الفصل؛ لاختلافهما خبرًا وإنشاء.
  ومنها: أن تتفق الجملتان في الخبرية والإنشائية مع الاتصال(٥)، أي: الجامع بينهما من عقل أو وهم أو خيال، نحو: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}[الانفطار]، والجامع بينهما التضاد، ونحو: {وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا}[الأعراف ٣١] والجامع كذلك، وهو وهمي.
  والكلامُ على القوى الباطنية التي أثبتها الحكماء وبيان الجامع العقلي والوهمي
(١) قوله: «في المسند» لاتحاد مسند كل مع مسند الأخرى في الحدث؛ لأن معنى أراها: أظنها. وقوله: «والمسند إليه» لأنه في الأولى محبوب وفي الثانية محب. مخلوف.
(٢) قوله: «وهو» أي: كون أراها ... الخ من مظنونات سلمى. مخلوف.
(٣) قوله: «في حكم ... إلخ» وهو الخبرية في المثال.
(٤) وهذا هو المسمى بكمال الانقطاع مع الإيهام.
(٥) وهذا هو المسمى بالتوسط بين الكمالين.