الباب السابع: الفصل والوصل
  ومنها: عدم اشتراك الثانية مع الأولى في الحكم، نحو: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ...}[البقرة ١٤] إلى: {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}[البقرة ١٥]، لم تعطف جملة: {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على قوله: {إِنَّا مَعَكْمْ ...} الآية [البقرة ١٤] لعدم اشتراكهما في الحكم؛ إذ ليست الثانية من مقولهم.
  ومنها: اختلاف الجملتين في الخبرية والإنشائية(١)، بأن تكون إحداهما إنشائية والأخرى خبرية، نحو [البسيط]:
  وقال رائِدُهم: أَرْسُوا نُزَاوِلُهَا(٢)
  وما أجازه النحويون من عطف الإخبار على الإنشاء وعكسه مستدلين بآيات أجاب عنها البيانيون باتفاقهما معنى(٣).
  ومنها: أن لا يكون بين الجملتين جامع(٤) عقلي أو وهمي أو خيالي، فلا تقول: «زيد عالم وعمرو قائم»؛ لعدم الجامع، بخلاف: «زيد عالم وعمرو جاهل» و «نعم اليأس من الخلق وبئس الطمع فيهم» وسيأتي ذلك.
  ومنها: إيهام العطف خلاف المقصود(٥)، نحو [الكامل]:
  وتظنُّ سلمى أنني أبغي بها ... بَدَلًا أُرَاها في الضلالِ تَهِيْمُ(٦)
(١) وهذا وما بعده هو المسمى بكمال الانقطاع.
(٢) عجزه:
فكلُّ حَتْفِ امرئٍ يجري بمقدار
والبيت للأخطل انظر كتاب سيبويه ١/ ٤٥٠. والشاهد فيه: أنه لم يعطف «نزاولها» على «أرسوا»؛ لأنه خبر لفظًا ومعنى، و «أرسوا» إنشاء لفظًا ومعنى. والرائد: هو الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ. وأرسوا: أي: أقيموا. ونزاولها: أي: نحاول أمر الحرب ونعالجها.
(٣) بأن ترجع الإنشائية إلى الخبرية أو عكسه. مخلوف.
(٤) يعني مع كونهما متفقتين في الخبرية والإنشائية، وإنما قلنا ذلك لئلا يدخل القسم الذي قبل هذا فيه.
(٥) وهو - أعني خلاف المقصود - عطفها على غير ما لو عطف المتكلم لقصد كون العطف عليها. وهذا هو المسمى بشبه كمال الانقطاع.
(٦) ذكره صاحب مفتاح العلوم دون نسبة، والشاهد فيه: عدم عطف «أراها» على «تظن»؛ لئلا يتوهم السامع أنه معطوف على «أبغي»؛ لقربه منه، مع أنه ليس بمراد. الإيضاح بتصرف.