فصل: في الدلالة الوضعية
  أقول: ينقسم التشبيه أيضا باعتبار وجهه إلى: قريب مبتذل، وهو: ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير احتياج إلى تأمل، كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز في المقدار والشكل.
  وإلى غريب: وهو ما لا ينتقل فيه إلا بعد الفكر، كتشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشلِّ، إما لكثرة التفصيل في الوجه(١) كهذا المثال، أو ندور حصول المشبه به في الذهن لكونه وهميًّا(٢)، كأنياب الأغوال، أو مركبًا خياليًّا: نحو [مجزوء الكامل]:
  أعلامُ يَاقُوتٍ نُشِرْ ... نَ عَلى رِماحٍ مِن زَبَرْجَدْ(٣)
  أو مركبًا عقليًّا، نحو: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة ٥].
  والمراد بالنهية: العقل أي: كالمركب العقلي
  وفي بعض النسخ:
  لكثرةِ التَّفصِيلِ بُعْد النسبة ... ..............................
  وهو بضم الباء معطوف بحذف العاطف(٤)، و «أل» في النسبة عوض من المضاف إليه، أي: ومن أسباب الغرابة: بُعْدُ نسبة المشبه به عن المشبه فيقل بذلك حضور المشبه به في الذهن حين حضور المشبه.
  قال:
  وَبِاعْتِبَارِ آلَةٍ مُؤَكَّدُ ... بِحَذْفِهَا وَمُرْسَلٌ إِذْ تُوجَدُ
  وَمِنْهُ مَقْبُولٌ بِغَايَةٍ يَفِي ... وَعَكْسُهُ الْمَرْدُودُ ذُو التَّعَسُّفِ
  وَأَبْلَغُ التَّشْبِيهِ مَا مِنْهُ حُذِفْ ... وَجْهٌ وَآلَةٌ يَلِيهِ مَا عُرِفْ
  أقول: ينقسم التشبيه باعتبار أداته إلى مؤكد ومرسل.
  فالمؤكد: ما حذفت أداته، نحو: «زيد أسد». والمرسل: ما ذكرت فيه الأداة،
(١) انظر الإيضاح ص ٢٢٣ والطراز ١/ ١٨٠.
(٢) أي: وهو بعيد عن الفكر؛ لعدم وجوده أصلا، وكذا المركب الخيالي. مخلوف.
(٣) تقدم الكلام عليه.
(٤) أي: على كثرة التفصيل. مخلوف.