حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الدلالة الوضعية

صفحة 167 - الجزء 1

  أقول: ينقسم التشبيه أيضا باعتبار وجهه إلى: قريب مبتذل، وهو: ما ينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير احتياج إلى تأمل، كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز في المقدار والشكل.

  وإلى غريب: وهو ما لا ينتقل فيه إلا بعد الفكر، كتشبيه الشمس بالمرآة في كف الأشلِّ، إما لكثرة التفصيل في الوجه⁣(⁣١) كهذا المثال، أو ندور حصول المشبه به في الذهن لكونه وهميًّا⁣(⁣٢)، كأنياب الأغوال، أو مركبًا خياليًّا: نحو [مجزوء الكامل]:

  أعلامُ يَاقُوتٍ نُشِرْ ... نَ عَلى رِماحٍ مِن زَبَرْجَدْ⁣(⁣٣)

  أو مركبًا عقليًّا، نحو: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}⁣[الجمعة ٥].

  والمراد بالنهية: العقل أي: كالمركب العقلي

  وفي بعض النسخ:

  لكثرةِ التَّفصِيلِ بُعْد النسبة ... ..............................

  وهو بضم الباء معطوف بحذف العاطف⁣(⁣٤)، و «أل» في النسبة عوض من المضاف إليه، أي: ومن أسباب الغرابة: بُعْدُ نسبة المشبه به عن المشبه فيقل بذلك حضور المشبه به في الذهن حين حضور المشبه.

  قال:

  وَبِاعْتِبَارِ آلَةٍ مُؤَكَّدُ ... بِحَذْفِهَا وَمُرْسَلٌ إِذْ تُوجَدُ

  وَمِنْهُ مَقْبُولٌ بِغَايَةٍ يَفِي ... وَعَكْسُهُ الْمَرْدُودُ ذُو التَّعَسُّفِ

  وَأَبْلَغُ التَّشْبِيهِ مَا مِنْهُ حُذِفْ ... وَجْهٌ وَآلَةٌ يَلِيهِ مَا عُرِفْ

  أقول: ينقسم التشبيه باعتبار أداته إلى مؤكد ومرسل.

  فالمؤكد: ما حذفت أداته، نحو: «زيد أسد». والمرسل: ما ذكرت فيه الأداة،


(١) انظر الإيضاح ص ٢٢٣ والطراز ١/ ١٨٠.

(٢) أي: وهو بعيد عن الفكر؛ لعدم وجوده أصلا، وكذا المركب الخيالي. مخلوف.

(٣) تقدم الكلام عليه.

(٤) أي: على كثرة التفصيل. مخلوف.