فصل: في الدلالة الوضعية
  إلى تمثيل: وهو ما كان وجه الشبه فيه وصفا منتزعا من متعدد، كما في: «إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى(١)» فالمشبه هيئة منتزعة من أمور متعددة، والمشبه به كذلك.
  وإلى غير تمثيل: وهو ما ليس وجهه كذلك، نحو: «الصالح في هذا الزمان كالكبريت الأحمر(٢)».
  قال:
  وَبِاعْتِبَارِ الْوَجْهِ أَيْضًا مُجْمَلُ ... خَفِيٌّ أوْ جَلِيٌّ أوْ مُفَصَّلُ
  أقول: ينقسم التشبيه أيضا باعتبار الوجه:
  إلى مجمل: وهو ما لم يذكر فيه وجه الشبه، كالمثال المتقدم، والوجه: العِزَّة. ومن المجمل: ما هو خفي لا يفهمه إلا الخواص، كقول بعضهم: «هم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها» أي: هم متناسبون في الشرف كما أن الحلقة متناسبة الأجزاء في الصورة(٣).
  ومنه: ما هو ظاهر يفهمه كل أحد، نحو: «زيد كالأسد».
  وإلى مفصل: وهو ما ذكر فيه وجه الشبه، كقوله [المجتث]:
  وَثَغْرُهُ في صفاءِ ... وأَدْمُعِي كاللآلي(٤)
  قال:
  وَمِنْهُ بِاعْتِبَارِهِ أَيْضًا قَرِيبْ ... وَهُوَ جَلِيُّ الْوَجْهِ عَكْسُهُ الْغَرِيبْ
  لِكَثْرَةِ التَّفْصِيلِ أَوْ لِنُدْرَةِ ... فِي الذِّهْنِ كَالتَّرْتِيبِ فِي كَـ «نُهْيَةِ»
(١) إذ الأصل: أراك في ترددك مثل من يقدم رجلًا مرة ثم يؤخرها مرة أخرى.
(٢) أي: في القلة والندرة.
(٣) أي: هم متناسبون في الشرف يمتنع تعيين بعضهم فاضلًا وبعضم أفضل منه كما أن الحلقة المفرغة متناسبة الأجزاء في الصورة يمتنع تعيين بعضها طرفًا وبعضها وسطًا، ولا يدرى طرفاها الأعلى والأسفل؛ لكونها مفرغة: أي: مصمتة الجوانب كالدائرة. انظر المطول ص ٥٥٥.
(٤) البيت بلا نسبة في تاج العروس مادة «صدع». ووجه الاستشهاد أنه قد ذكر وجه الشبه وهو الصفاء بين المشبه وهو الثغر والأدمع والمشبه به وهو اللآلئ.