حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني الحقيقة والمجاز

صفحة 170 - الجزء 1

  والغض في الإعراض عما سوى الله تعالى. فخرج: المهمل والغلط والكناية⁣(⁣١).

  و (غابرت): تجاوزت. و (الورع): ترك ما لا شبهة فيه خوفا من الوقوع في الشبهة، وهو مِلاك الدِّين⁣(⁣٢) كله، فقليل العمل معه كثير، وكثيره مع عدمه قليل. بخلاف الطمع فإنه مفسدة الدين، ومذلة الرجال.

  قال:

  كِلاهُمَا شَرْعِيٌّ اوْ عُرْفِيُّ ... نَحْوُ «ارْتَقَى لِلْحَضْرَةِ الصُّوفِيُّ»

  أَوْ لُغَوِيٌّ وَالْمَجَازُ مُرْسَلُ ... أَوِ اسْتِعَارَةٌ فَأَمَّا الأَوَّلُ

  فَمَا سِوَى تَشَابُهٍ عَلاقَتُهْ ... جُزْءٌ وَكُلٌّ أَوْ مَحَلٌّ آلَتُهْ

  ظَرْفٌ وَمَظْرُوفٌ مُسَبَّبٌ سَبَبْ ... وَصْفٌ لِمَاضٍ أَوْ مَآلٍ مُرْتَقَبْ

  أقول: كل من الحقيقة والمجاز: لغويٌّ، وشرعيٌّ، وعرفيٌّ، كالصلاة المستعملة لغة في الدعاء، والهيئة المخصوصة⁣(⁣٣)، والعكس، أي: الصلاة المستعملة شرعًا في الهيئة، والدعاء⁣(⁣٤)، وكالدابة المستعملة لغة في كل ما يدب على الأرض، وفي ذوات الأربع.

  والعرف عام: وهو ما لا يتعين ناقله عن المعنى اللغوي، وخاص: وهو ما يتعين ناقله عن المعنى المنقول عنه، كـ «الفعل» المنقول عند النحاة عن الحدث - المعنى اللغوي - إلى الكلمة المخصوصة، ومنه⁣(⁣٥) مثال المتن، فإن الارتقاء حقيقة في المحسوسات، مجاز في الترقي في مقامات السلوك، وكالحضرة فإن


(١) خرج المهمل بقوله: «المستعملة»، وخرج الغلط بقوله: «لعلاقة» نحو قولك: «خذ هذا الثوب» مشيرًا إلى كتاب، وخرجت الكناية بقوله: «وقرينة مانعة من إرادته»؛ لأن الكناية مستعملة في غير ما وضعت له مع جواز إرادته.

(٢) أي: قوامه، أي: يتقوَّم وينتظم به. مخلوف.

(٣) يعني أن لفظ الصلاة إذا استعمله المخاطِب بعرف اللغة في الدعاء يكون حقيقة لغوية، وإذا استعمله في الهيئة المخصوصة يكون مجازًا لغويًا.

(٤) يعني أن لفظ الصلاة إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الهيئة المخصوصة يكون حقيقة، وفي الدعاء يكون مجازًا.

(٥) أي من العرف الخاص، أي حقيقته.