حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثاني الحقيقة والمجاز

صفحة 171 - الجزء 1

  الصوفية نقلوها من المحسوسات إلى دائرة الكمال⁣(⁣١). و (الصوفي): من صفا من الرعونات⁣(⁣٢) البشرية حتى وصل بذلك إلى خالق البرية.

  ثم المجاز المفرد:

  إما مرسل⁣(⁣٣): وهو ما كانت العلاقة فيه غير المشابهة، كاستعمال اسم الجزء في الكل كالكلمة في الكلام. وعكسه، كاستعمال الأصابع في الأنامل في: {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم(⁣٤)}⁣[البقرة ١٩].

  ومنها: إطلاق اسم الحال على المحل، وعكسه، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}⁣[الأعراف ٣١]؛ إذ المراد بالزينة: الثوب⁣(⁣٥)، وبالمسجد: الصلاة⁣(⁣٦).

  ومنها: الآلة، نحو: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}⁣[الشعراء ٨٤]، أي: ذكرا حسنا⁣(⁣٧)، فاستعمل اللسان في الذكر لأنه آلته.

  ومنها: استعمال الظرف في المظروف، نحو: «شَرِبْتُ كُوْزًا»، أي: ماءً، وعكسه نحو: {فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ}⁣[آل عمران ١٠٧] أي: الجنة التي هي ظرف للرحمة.

  ومنها: إطلاق اسم المسبَّب على السبب، نحو: «أمطرت السماء نباتا»، أي: غيثا، وعكسه، نحو: «رعينا غيثا» أي: نباتا.

  ومنها: اعتبار ما كان، نحو: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء ٢] سماهم يتامى باعتبار وصفهم الماضي.


(١) هي الحالة التي إذا وصل إليها الشخص سمي عارفًا. مخلوف.

(٢) الرعونات: الأوصاف الذميمة. مخلوف.

(٣) سمي مرسلًا لإطلاقه عن التقييد بعلاقة مخصوصة، بل له علاقات كثيرة. بخلاف الاستعارة فإن علاقتها مخصوصة بالمشابهة.

(٤) أي: أناملهم، والقرينة استحالة دخول الأصابع بتمامها في الآذان عادة. دسوقي.

(٥) فقد أطلق اسم الحالِّ - وهو الزينة - على المحل وهو الثوب، بقرينة أنه لا يعقل التكليف بأخذ الزينة، وإنما يعقل بأخذ محلها. مخلوف.

(٦) فقد أطلق اسم المحل - وهو المسجد - على الحالِّ وهو الصلاة؛ لأن المسجد مكان للصلاة، والقرينة السياق الذي نزلت الآية من أجله. مخلوف.

(٧) قوله: «ذكرا حسنا» أي: فيهم، أَخَذَ الحسن من إضافة اللسان للصدق. دسوقي.