فصل: في المكنية
  فقوله: (كأشرقت) الخ: مثال للاستعارة التحقيقية المتحقق معناها عقلا؛ إذ المستعار منه(١): الاستنارة بالنور المحسوس، والمستعار له: انشراح الصدر واتساعه، وهو أمر محقق عقلا. وكذا الشمس(٢) فإن المستعار له: المعارف الربانية(٣).
  قال:
فَصْلٌ: فِي الْمَكْنِيَّةِ
  وَحَيْثُ تَشْبِيهٌ بِنَفْسٍ أُضْمِرَا ... وَمَا سِوَى مُشَبَّهٍ لَمْ يُذْكَرَا
  وَدَلَّ لازِمٌ لِمَا شُبِّهَ بِهْ ... فَذَلِكَ التَّشْبِيهُ عِنْدَ الْمُنْتَبِهْ
  يُعْرَفُ بِاسْتِعَارَةِ الْكِنَايَةِ ... وَذِكْرُ لازِمٍ بِتَخْيِيلِيَّةِ
  كَـ «أَنْشَبَتْ مَنِيَّةٌ أَظْفَارَهَا» ... وَ «أَشْرَقَتْ حَضْرَتُنَا أَنْوَارَهَا»
  أقول: إذا لم يذكر شيء من أركان التشبيه سوى المشبه، ودل على المشبه به بذكرِ لازمه، قيل لذلك التشبيه المضمر في النفس - أي: الذي لم يدل عليه بأداته - استعارة بالكناية، ويسمى اللازم(٤): استعارة تخييلية؛ لأن معناها لم يكن محققا، لا حسًّا، ولا عقلا، كأظفار المنية في قولنا: «أنشبت المنية أظفارها»، فإن الأظفار مستعملة في شيء متوهم للمنية - أي: الموت - شبيه بالأظفار الحقيقية.
  وتبع المصنف الأصل في جعل التشبيه استعارة بالكناية، والحق أنها لفظ المشبه به المستعمل في المشبه المضمر في النفس المرموز إليه بلازمه، كلفظ السبع هنا؛ إذ الاستعارة: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، أو استعماله، والتشبيه ليس واحدا منهما. وقيل: إنها لفظ المشبه المستعمل(٥) في المشبه به بادعاء أنه عينه،
(١) أي: المعنى الذي استعير منه لفظ الإشراق. مخلوف.
(٢) أي: أنها استعارة لمعنى متحقق عقلًا. مخلوف.
(٣) أي: المعارف المتعلقة بالرب تعالى وتقدس. مخلوف.
(٤) قوله: «ويسمى اللازم ... إلخ» هذا انتقال من مذهب الخطيب لمذهب السكاكي، فالمناسب: ويسمى إثبات أو ذكر اللازم استعارة تخييلية، مع الإعراض عن التعليل بعد؛ لأنه لا يناسب هنا؛ إذ الأظفار على ما هنا ليس مستعملا في أمر متوهم، بل في معناه الحقيقي، وإنما المجاز في الإثبات. مخلوف.
(٥) قوله: «وقيل: إنها لفظ المشبه ... إلخ» حاصل المذهب أن يجعل للمشبه به فردان: حقيقي وادعائي هو =