فصل: في التحقيقية والعقلية
  قال:
فَصْلٌ: فِي التَّحْقِيقِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ(١)
  وَذَاتُ مَعْنًى ثَابِتٍ بِحِسٍّ أوْ ... عَقْلٍ فَتَحْقِيقِيَّةٌ كَذَا رَأَوْا
  كَـ «أَشْرَقَتْ بَصَائِرُ الصُّوفِيَّةْ ... بِشَمْسِ نُورِ الْحَضْرَةِ الْقُدْسِيَّةْ»
  أقول: قسم الاستعارة: إلى تحقيقية، وتخييلية، فمراده بالعقلية: التخييلية؛ بدليل المقابلة.
  فالاستعارة إن تحقق معناها حسًّا، نحو: «رأيت أسدا في الحمام(٢)»، أو عقلًا نحو: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ٦}[الفاتحة] - فإن المستعار له: قواعد الدين، وهي محققة عقلا - فالاستعارة تحقيقية(٣).
  وإن لم يتحقق لا حسًّا ولا عقلًا، بل كان أمرا متوهما، فالاستعارة تخييلية، كالأظفار في: «أنشبت المنية أظفارها(٤)»، كما سيأتي في كلامه.
(١) في نسخة إسقاط «العقلية»، وقد اعتمد الشارح نسخة ذكرها مفسرا لها فيما بعد بالتخييلية، بانيا على اعتبار المنطوق في التحقيقية والمفهوم في التخييلية؛ ليكون الفصل مستوفيا للتقسيم المشهور عن السكاكي، واعتمد المصنف نسخة إسقاطها؛ فجعل الفصل قاصرا على التحقيقية، وادعى أن قسيمها وهو التخييلية مذكور في الفصل بعده، وصنيع الشارح هو الجدير بالقبول؛ لأن التخييلية المذكورة فيما بعد بمعنى إثبات لازم المشبه به للمشبه، وليست بهذا المعنى قسيما للتحقيقية، بل قسيمها سيذكره الشارح وسنوضحه كما اشتهر نقله عن السكاكي في صغار الكتب وكبارها. مخلوف.
(٢) استعار الأسد للرجل الشجاع، وهو - أي: الرجل - محقق حسًّا.
(٣) التحقيقية: هي ما كان المستعار له فيها محققًا حسًّا أو عقلا بأن كان اللفظ منقولا إلى أمر معلوم يمكن الإشارة إليه إشارة حسية أو عقلية. والتخييلية: هي ما كان المستعار له فيها غير محقق لا حسًّا ولا عقلا، بل هو صورة وهمية لا يشوبها شيء من التحقيق. علوم البلاغة.
(٤) فإنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم يصور المنية بصورة السبع ويخترع لوازمه لها، فاخترع لها مثل صورة الأظفار، ثم أطلق على هذه الصورة لفظ الأظفار، وكل هذا على مذهب السكاكي في التخييلية.