فصل في تغيير الإعراب
  وتارة يؤخرها، فكل من الطرفين والجامع(١) هيئةٌ منتزعة من متعدد، وهذا كما يسمى استعارة تمثيلية يسمى مثلا أيضًا، وشرط هذه التسمية(٢): فشو الاستعمال(٣) في الاستعارة دون التشبيه.
  فقوله: (ولا ينكب): أي: لا يُحَوَّلُ اللفظ الدال على المشبه؛ لوجوب بقاء الاستعارة على الهيئة التي يستحقها المشبه به.
  قال:
فَصْلٌ فِي تَغْيِيرِ الإعْرَابِ(٤)
  وَمِنْهُ مَا إِعْرَابُهُ تَغَيَّرَا ... بِحَذْفِ لَفْظٍ أَوْ زِيَادَةٍ تُرَى
  أقول: من المجاز نوع آخر غير ما تقدم، وهو كل كلمة تغير إعرابها بحذف لفظ أو زيادته، نحو: {وَجَاء رَبُّكَ}[الفجر ٢٢]، أي: أمره، و: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى ١١]، أي: مثله على ما فيه(٥)، فالحكم الأصلي لـ: {رَبُّكَ}: الجر، ولـ: {مِثْلِ}: النصب(٦)، فتغير بالحذف في الأول، والزيادة في الثاني.
  وإنما كان هذا النوع مغايرًا لما تقدم؛ لأن المجاز: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له أو استعماله، والتغيير بمعنى التغير وليس واحدا منهما.
  ورد بعضهم هذا النوع إلى المجاز الإسنادي.
(١) الطرفان: هما الصورتان وهما: ١) - المشبه: صورة تردده في الأمر. ٢) - المشبه به: صورة مَن قام يمشي إلى أمر ... والجامع: الإقدام تارة والإحجام تارة أخرى.
(٢) لفظ المطول: «ومتى فشا استعماله» أي: استعمال المجاز المركب «كذلك» أي: على سبيل الاستعارة لا على سبيل التشبيه «يسمى مثلًا». انظر ص ٦٠٥.
(٣) قوله: «الاستعمال» أي: استعمال المجاز المركب. وقوله: «في الاستعارة» في بمعنى «على»، أي: على سبيل الاستعارة دون التشبيه. مخلوف.
(٤) اعلم أن الكلمة كما توصف بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلي فكذلك توصف بالمجاز لنقلها عن إعرابها الأصلي إلى غيره لحذفِ لفظٍ أو زيادةِ لفظٍ، أما إذا كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغيير الإعراب فلا توصف الكلمة بالمجاز، مثل {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}[آل عمران ١٥٩]، ونحو {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}[النساء ١٥٥].
(٥) أي: من كون القول بزيادة الكاف أخذًا بالظاهر، ويحتمل ألَّا زيادة وأن الكلام كناية عن نفي المثل. مخلوف.
(٦) لأنه خبر «ليس».