حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثالث: الكناية

صفحة 186 - الجزء 1

  وأجبت عن اعتراضه فيما كتبته على شرحه المذكور.

  وترد إلى أقسام ثلاثة:

  الأول: اختصاص الوصف بالموصوف⁣(⁣١)، كقولهم: «المجْدُ بينَ ثوبيه والكرم بين بُرْدَيْهُ»⁣(⁣٢)، جعل إحاطة الثوبين والبردين بالوصفين كناية عن اختصاص الممدوح بهما، ومن ذلك: «الخير في العزلة» الخ كناية عن اختصاص الصوفي بها⁣(⁣٣).

  الثاني: ما يطلب بها نفس الموصوف⁣(⁣٤)، كقولك: «جاء المضياف» تريد زيدًا؛ لكثرة إقرائه للضيف، حتى صار اختصاصه بذلك كاللازم ينتقل من المضياف إليه.

  الثالث: ما يطلب بها نفس الصفة، نحو: «كثير الرماد» كناية عن المضياف، ونحو: «طويل النجاد» كناية عن طول القامة.


= السبع المعروف ولا يمنع أن يقصد الأسد للانتقال إلى الشجاع فلا يثبت المجاز متميزاً عن الكناية في شيء من الاستعمالات.

وأجابوا عنه بما ملخصه: أنه إن أراد بجواز إرادة الموضوع له مع المجازي للانتقال حضوره في الذهن وتصوره للانتقال - فلا بد ع في ذلك، لكن ليس هذا معنى إرادته مع الكنائي، بل معناها قصد الإخبار به مع الكنائي وإن لم يكن مقصوداً بالذات بل ينتقل منه إلى الكنائي.

وإن اراد أن الموضوع له يكون مخبَراً به مع المجازي حتى يكون معنى: رأيت أسداً يرمي أنه رأى الأسد والرجل الشجاع فهو باطل، فإن يرمي يمنع ذلك، فعلم أن الكناية قد يراد منها الموضوع له مع لازمه بالفعل، وقد لا، وأنه عند إرادة الموضوع له ولازمه معاً في الكناية يكون اللفظ مستعملاً فيهما على أن الموضوع له غير مقصود بالذات. ذكره الصبان في رسالته البيانية. مخلوف.

(١) وهذا القسم هو المطلوب بها نسبة. وقد يكون طرفا النسبة مذكورين صريحين فتنفرد الكناية في النسبة، أو أحدهما مذكوراً صريحاً والآخر كناية فتجتمع مع الكناية عن الموصوف أو الصفة، أو كلاهما مذكور كناية فتجتمع الثلاثة. نقله الصبان عن الأطول. مخلوف

(٢) قوله: المجد، أي نيل الشرف والكرم، وقوله: «بين ثوبيه» يريد بالثوبين: الرداء والإزار، وكذا المراد بالبردين في قوله: والكرم بين برديه. مخلوف.

(٣) أي: بالعزلة. ولا وجه لهذا أصلًا، ولعل تأنيث الضمير تحريف، والأصل اختصاص الصوفي به، أي: بالخير، وحينئذٍ تكون الكناية بواسطة، وذلك أنه يلزم من كون الخير في العزلة اختصاصها به، ومن اختصاصها به اختصاص الصوفي به؛ لأنه مختص بها، والمختص بشيء مختص بما اختص به ذلك الشيء. هذا، والذي في شرح المصنف أن جعل العزلة ظرفًا للخير كناية عن تخصيصه بها، وهو أقرب. مخلوف.

(٤) شرطها الاختصاص بالمكني عنه ليحصل الانتقال منها إليه، مثل قولك: «قتلت ملك الوحوش» كناية عن الأسد، وهذا أوضح من مثال المؤلف.