فصل في مراتب المجاز والكنى
  والأولى(١): بعيدة؛ لكثرة الوسائط(٢)، والثانية(٣): قريبة؛ لعدم الواسطة.
  ثم الغرض من الكناية:
  · الإيضاح كـ: «طويل النجاد» لطول القامة(٤).
  · أو الاختصار: كـ: «فلان مهزول الفصيل(٥)» أي: لكثرة نَحْرِ الأمهات، كناية عن كرمه.
  · أو الستر: وهو المراد بالصون، كـ: «أهل الدار» كناية عن الزوجة صيانة لها.
  · أو اختيار الفصحاء اللفظ(٦) لاستهجان المكنى عنه، نحو: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ}[البقرة ١٨٧]، ونحو: «فلان لمس زوجته» أو: «أتاها» كناية عن المجامعة.
  قال:
فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَجَازِ وَالْكُنَى
  ثُمَّ المَجَازُ وَالكُنَى أَبْلَغُ(٧) مِنْ ... تَصْرِيحٍ اوْ حَقِيقَةٍ كَذَا زُكِنْ
  فِي الفَنِّ تَقْدِيمُ اسْتِعَارَةٍ على ... تَشْبِيهٍ أيْضاً بِاتِّفَاقِ العُقَلا
  أقول: المجاز أبلغ من الحقيقة، والكناية أبلغ من التصريح؛ لأن الانتقال(٨)
(١) وهي: «كثير الرماد».
(٢) فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب، ثم منها إلى كثرة الطبائخ، ومنها إلى كثرة الأكلة، ومنها إلى كثرة الضيفان، ومنها إلى المقصود وهو الضيافة والكرم. مخلوف.
(٣) وهي: طويل النجاد. مخلوف.
(٤) أي: إذا كان المخاطب يعلم استلزام طول النجاد لمعنى طول القامة من غير أن يعلم اللفظ الدال على طول القامة لعدم إدراك الوضع. مخلوف.
(٥) فإنه يغني عن قولك: «فلان ينحر أمهات الأولاد من إبله كثيرًا لكرمه». والهزيل: الضعيف. والفصيل: ولد الناقة؛ لأنه يفصل عن أمه، فهو «فعيل» بمعنى «مفعول»، أي: مفصول.
(٦) قوله: «أو اختيار» تفسير للانتقاء في المصنف، وقوله: «اللفظ» أي: لفظ الكناية. مخلوف.
(٧) من المبالغة لا البلاغة. ومعنى كون المجاز والكناية أبلغ: أنهما يفيدان زيادة تأكيد للإثبات؛ لا أن شيئا منهما يوجب أن يحصل في الواقع زيادة لا توجد في الحقيقة والتصريح.
(٨) وذلك لأن اللفظ مجازًا كان أو كناية إذا سُمِع فأول ما يخطر منه معناه الأصلي، فإذا دلتِ القرينة على عدم إرادته انتقل الذهن منه إلى ملابسه. مخلوف.