حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الضرب الأول: المعنوي

صفحة 190 - الجزء 1

الْضَرْبُ الأَوَّلُ: الْمَعْنَوِيُّ

  وَعُدَّ مِنْ أَلْقَابِهِ الْمُطَابَقَةْ ... تَشَابُهُ الأَطْرَافِ وَالْمُوَافَقَةْ

  أقول: تقدم وجه تقديم الضرب المعنوي. فمن ألقابه: المطابقة، وتسمى: الطباق، والتضاد، والتكافؤ، وهي: الجمع بين متقابلين⁣(⁣١) في الجملة⁣(⁣٢)، أي: سواء⁣(⁣٣) كان تقابل ضدين، أو نقيضين، أو عدم وملكة.

  ويكون:

  بلفظين من نوع: اسمين، نحو: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ(⁣٤)}⁣[الكهف ١٨].

  أو فعلين، نحو: {يُحْيِي وَيُمِيتُ(⁣٥)}⁣[يونس ٥٦].

  أو حرفين، نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ(⁣٦)}⁣[البقرة ٢٨٦].

  أو من نوعين، نحو: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ}⁣[الأنعام ١٢٢].

  والطباق قسمان:

  · طباق الإيجاب: كما مثل.

  · وطباق السلب: وهو الجمع بين فعلين من نوع واحد⁣(⁣٧)، أحدهما مثبت والآخر منفي، أو أحدهما أمر والآخر نهي، نحو: {.. وَلَكِنَّ


(١) المتقابلان: هما اللذان لا يجتمعان في شيء واحد في وقت واحد.

(٢) قوله: «في الجملة» أي: يكون بينهما تقابل وتنافٍ ولو في بعض الصور، كما في الاعتباري فإن التنافي فيه باعتبار المتعلق.

(٣) قوله: «أي: سواء ... إلخ» جعله تفسيرا لقوله: «في الجملة» وهو لا يصح، والصواب ما علمته. مخلوف.

(٤) فاليقظة تشتمل على الإدراك بالحواس، والنوم يشتمل على عدمه، فبينهما شبه العدم والملكة باعتبار لازميهما، وبينهما باعتبار أنفسهما التضاد؛ لأن النوم عرض يمنع إدراك الحواس، واليقظة عرض يقتضي الإدراك بها. وإن قلنا: إن اليقظة نفي ذلك العرض - كان بينهما عدم وملكة حقيقة. وقد دل على كل منهما بالاسم. يعقوبي.

(٥) فإن الإحياء والإماتة ولو صح اجتماعهما في المحيي والمميت لكن بينهما باعتبار متعلقهما - أعني الحياة والموت - العدم والملكة، أو التضاد بناء على أن الموت عرض وجودي، فالتنافي بينهما اعتباري. دسوقي.

(٦) فإن في اللام معنى الانتفاع، وفي على معنى التضرر؛ فصار تقابل «اللام» و «على» كتقابل النفع والضرر، وهما ضدان. دسوقي.

(٧) فوله: «من نوع واحد» أي: معنى واحد كالعلم في المثال، والأوضح فِعْلَي مصدر واحد كما في السعد. مخلوف.