الضرب الأول: المعنوي
  أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٦ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا}[الروم]، و: {فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}[المائدة ٤٤].
  ومنها: تشابه الأطراف، وهو التناسب بين أول الكلام وآخره في المعنى، نحو: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(١) ١٠٣}[الأنعام].
  ومنها: الموافقة، وتسمى: التناسب، والتوافق - أيضًا -، ومراعاة النظير، وهو: جمع أمر وما يناسبه، لا بالتضاد(٢)، نحو: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ(٣) ٥}[الرحمن].
  قال:
  وَالْعَكْسُ وَالتَّسْهِيمُ وَالْمُشَاكَلَةْ ... تَزَاوُجٌ رُجُوعٌ اوْ مُقَابَلَةْ
  أقول: اشتمل هذا البيت على ستة ألقاب:
  الأول: العكس: وهو أن يتقدم في الكلام جزء ثم يؤخر، نحو: «عاداتُ الساداتِ ساداتُ العاداتِ».
  الثاني: التسهيم - ويسمى الإرصاد - وهو أن يجعل قبل العجز(٤) من الفقرة أو البيت ما يدل عليه إذا عرف الرَّوِيّ(٥)، نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت ٤٠]، وقوله [الوافر]:
  إذا لم تستطعْ شَيئًا فَدَعْهُ ... وَجَاوِزْهُ إلى مَا تستَطيعُ(٦)
(١) فاللطيف مناسب لكونه غير مُدْرَك بالأبصار، والخبير مناسب لكونه مُدرِكاً للأبصار؛ لأن المدرِك للشيء يكون خبيرًا به عالمًا. مخلوف.
(٢) قوله: «لا بالتضاد» أي: بل بالتوافق في كون ما جمع من واد واحد؛ لصحبته في إدراك، أو لمناسبة في شكل، أو لترتب بعض، على بعض أو ما أشبه شيئا من ذلك. مخلوف.
(٣) أي: فهما متناسبان من حيث تقارنهما في الخيال؛ لكون كلٍ جسمًا نورانيًّا سماويًّا. مخلوف
(٤) العَجُز: هو الكلمة التي نختم بها الفقرة أو بيت الشعر. فالاستدراك في الآية وهو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} يدل على العَجُز.
(٥) الروي: هو الحرف الذي يبنى عليه أواخر الأبيات الشعرية أو الفقرات، ويجب تكرره في كل منهما.
(٦) البيت لعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص ١٥٤، وتاج العروس مادة «طوع».