خاتمة
  أحدها: التخلص: وهو الانتقال مما افتتح به الكلام إلى المقصود مع رعاية المناسبة بينهما(١).
  الثاني: الاقتضاب(٢): وهو الانتقال إلى ما لا يلائم(٣).
  الثالث: فصل الخطاب: وهو متوسط بينهما، وهو الانتقال إلى ما يقرب من التخلص بأن يشوبه شيء من الملاءمة. وعدَّه بعضهم قسما من الاقتضاب، ومنه - قولهم بعد حمد الله والصلاة والسلام على النبي ÷: «أما بعد فهذا» الخ.
  ومن حسن الكلام ختمه بما يشعر بتمامه، بحيث لا يكون بعده للنفس تشوق، كقوله [الطويل]:
  بقيتَ بقَاءَ الدَّهرِ يَا كهفَ أهلِهِ ... وَهَذا دُعاءٌ للبَرَّيَّةِ شَامِلُ(٤)
  وجميع سور القرآن على هذا الأسلوب يعلم ذلك بأدنى تدبر.
  قال:
  هَذَا تَمَامُ الجُمْلَةِ الْمَقْصُودَةْ ... مِنْ صنْعَةِ الْبَلاغَةِ الْمَحْمُودَةْ
  ثُمَّ صَلاةُ اللَّهِ طُولَ الأَمَدِ ... عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدِ
  وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الأَخْيَارِ ... مَا غَرَّدَ الْمُشْتَاقُ بِالأَسْحَار
(١) مثاله:
أَجدَّكِ هل تدرين أَنْ رُبَّ ليلة ... كأن دُجاها من قرونك يُنشَرُ
نصبت لها حتى تجلَّتْ بغرة ... كغرة يحيى حين يذكرُ جعفرُ
فقد تخلص من الغزل إلى المديح. انظر الطراز.
(٢) الاقتضاب: هو الاقتطاع والارتجال. مطول.
(٣) مثاله قول أبي تمام:
لو رأى الله أن في الشيب خيرًا ... جاورته الأبرارُ في الخلدِ شيبا
ثم انتقل من هذا الكلام إلى ما لا يلائمه فقال:
كل يوم تبدي صروف الليالي ... خلقا من أبي سعيد غريبا
مطول.
(٤) البيت للمعري انظر المطول والإيضاح. وإنما آذن هذا الدعاء بانتهاء الكلام لأنه قد تعورف الإتيان بالدعاء في الآخر، فإذا سمع السامع ذلك لم يتشوف لشيء وراءه. دسوقي.