[تقديم الشارح]
  قال: (﷽).
  أقول: ابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، وعملًا بخبر: «كل أمر ذي بالٍ(١) لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر»، وفي رواية: «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم». ولا تعذر في العمل بالحديثين؛ لحمل الابتداء فيهما على الأعم من الحقيقي والإضافي(٢)، أو لحمله في الأوَّل على الأوَّل(٣)، وفي الثاني على الثاني؛ كما في القرآن الْمُبَيِّن كيفية العمل بهما. على أن اشتراط تحصيل البركة بالابتداء بهما معًا محمول على الكمال(٤)، وأمَّا أصلها(٥) فحاصل بأحدهما، بل بكل ذكر غيرهما كما يدل له(٦) رواية: «بذكر الله» الدالة على اعتبار جهة عمومها.
  وفي وصف الأمر بما بعده فائدتان:
  الأولى: تعظيم اسم الله تعالى؛ حيث لا يبدأ به إلا في الأمور التي لها شأن وخطر.
  الثانية: التيسير على الناس في محقرات الأمور.
  وَأُوْرِدَ: أنَّ كُلًّا من البسملة والحمدلة من أفراد موضوع قضية الحديث فيحتاج كل منهما حينئذ إلى سبق مثله، ويتسلسل(٧).
(١) ذي بال أي: صاحب بال. والمراد بالبال هنا: هو الحال والشأن، أي: ذي حال يُهتم به شرعياً، والمقصود بقوله ÷: «أبتر، أجذم»: أنه منزوع البركة.
(٢) الابتداء الحقيقي معناه: أن يكون الشيء متقدما حقيقة بحيث لا يكون شيء مقدَّمًا عليه. ومعنى الابتداء الإضافي: أن يكون مقدما بالنسبة إلى شيء ومتأخرًا عن شيء آخر. هامش حاشية مُلَّا عبد الله على التهذيب.
(٣) يعني: يحمل في الحديث الأول - وهو حديث لا يبدأ فيه ببسم الله - على الأول، أي: على الابتداء الحقيقي. وقوله: «في الثاني على الثاني»، أي: يحمل الابتداء في الحديث الثاني - وهو حديث لا يبدأ فيه بالحمدلة - على الابتداء الثاني وهو الابتداء الإضافي؛ لأن الحمد مبتدأ به بالنسبة إلى ما بعده.
(٤) أي: كمال البركة. مخلوف.
(٥) أي: البركة.
(٦) قوله: «كما يدل له» أي: لحصولها بكل ذكر. وقوله: «الدالة» صفة للرواية. وقوله: «جهة عمومها» أي: الأمر الموصوف بعمومه الخاص في الروايتين وهو الذكر. مخلوف
(٧) معنى هذا الإيراد: أن البسملة من الأمور التي لها بال فتحتاج إلى بسملة أخرى تتقدم عليها والبسملة إلى بسملة وهكذا إلى ما لا نهاية، فيلزم التسلسل.