حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[تقديم الشارح]

صفحة 22 - الجزء 1

  قال: ().

  أقول: ابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، وعملًا بخبر: «كل أمر ذي بالٍ⁣(⁣١) لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر»، وفي رواية: «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم». ولا تعذر في العمل بالحديثين؛ لحمل الابتداء فيهما على الأعم من الحقيقي والإضافي⁣(⁣٢)، أو لحمله في الأوَّل على الأوَّل⁣(⁣٣)، وفي الثاني على الثاني؛ كما في القرآن الْمُبَيِّن كيفية العمل بهما. على أن اشتراط تحصيل البركة بالابتداء بهما معًا محمول على الكمال⁣(⁣٤)، وأمَّا أصلها⁣(⁣٥) فحاصل بأحدهما، بل بكل ذكر غيرهما كما يدل له⁣(⁣٦) رواية: «بذكر الله» الدالة على اعتبار جهة عمومها.

  وفي وصف الأمر بما بعده فائدتان:

  الأولى: تعظيم اسم الله تعالى؛ حيث لا يبدأ به إلا في الأمور التي لها شأن وخطر.

  الثانية: التيسير على الناس في محقرات الأمور.

  وَأُوْرِدَ: أنَّ كُلًّا من البسملة والحمدلة من أفراد موضوع قضية الحديث فيحتاج كل منهما حينئذ إلى سبق مثله، ويتسلسل⁣(⁣٧).


(١) ذي بال أي: صاحب بال. والمراد بالبال هنا: هو الحال والشأن، أي: ذي حال يُهتم به شرعياً، والمقصود بقوله ÷: «أبتر، أجذم»: أنه منزوع البركة.

(٢) الابتداء الحقيقي معناه: أن يكون الشيء متقدما حقيقة بحيث لا يكون شيء مقدَّمًا عليه. ومعنى الابتداء الإضافي: أن يكون مقدما بالنسبة إلى شيء ومتأخرًا عن شيء آخر. هامش حاشية مُلَّا عبد الله على التهذيب.

(٣) يعني: يحمل في الحديث الأول - وهو حديث لا يبدأ فيه ببسم الله - على الأول، أي: على الابتداء الحقيقي. وقوله: «في الثاني على الثاني»، أي: يحمل الابتداء في الحديث الثاني - وهو حديث لا يبدأ فيه بالحمدلة - على الابتداء الثاني وهو الابتداء الإضافي؛ لأن الحمد مبتدأ به بالنسبة إلى ما بعده.

(٤) أي: كمال البركة. مخلوف.

(٥) أي: البركة.

(٦) قوله: «كما يدل له» أي: لحصولها بكل ذكر. وقوله: «الدالة» صفة للرواية. وقوله: «جهة عمومها» أي: الأمر الموصوف بعمومه الخاص في الروايتين وهو الذكر. مخلوف

(٧) معنى هذا الإيراد: أن البسملة من الأمور التي لها بال فتحتاج إلى بسملة أخرى تتقدم عليها والبسملة إلى بسملة وهكذا إلى ما لا نهاية، فيلزم التسلسل.