[سبب تأليف الجوهر المكنون]
  فإن قلت: هذا التقسيم غير شامل للخطبة والتراجم؛ لظهور عدم دخولها في شيء من الأقسام، مع أنها من جملة ما ذكر في الكتاب.
  فالجواب: أن المراد بالمذكورِ في الكتاب المذكورِ(١) في التقسيم - ما له مدخل وخصوصية بهذا الفن، فحينئذ لا تكون الخطبة ونحوها داخلة في المقسَّم حتى يلزم عدم شمول الأقسام لها.
  والمقدِّمة - بالكَسْرِ -: مأخوذة من مُقدِّمة الجيش للجماعة المتقدمة منه، أي: منقولة(٢) من ذلك؛ لمناسبة بينهما؛ لأن هذه المقدمة تقدم الإنسان لمقصوده، كما أن مقدمة الجيش تُقدِّمُهُ، أي: تجسره على التقدم، فيكون استعمال لفظ: المقدمة في مقدمة العلم ومقدمة الكتاب حقيقةً عرفيةً.
  ويحتمل أنها مأخوذة منها، أي: مستعارة، فيكون استعمالها مجازًا، فهي من: قدم المتعدي. ويحتمل أن تكون من اللازم بمعنى: متقدمة.
  و - بِالفَتْحِ - من الأول(٣) لا غير؛ لأن المؤلف قدمها أمام مقصوده، وهي قسمان: مقدمة علم، ومقدمة كتاب.
  فمقدمة العلم: ما يتوقف عليها الشروع في ذلك العلم، وهو: تصوره بوجه ما إنْ أُرِيدَ مجرد الشروع، أو تصوره برسمه أو حدِّه وتصور موضوعه وغايته إن أريد الشروع على بصيرة. وهذه معانٍ محضة. وذكر الألفاظ لتوقف الإنباء عنها(٤) عليها(٥)، لا أنها مقصودة لذاتها، حتى لو تيسر فهم المعنى من غير ألفاظ لم يحتج إليها أصلا.
(١) قوله: «المذكور» بالجر نعت للمذكور قبله، و «ما» خبر «أن».
(٢) قوله: «أي: منقولة» تفسير لـ «مأخوذة» ثم فسر «مأخوذة» مرة أخرى بـ «مستعارة».
(٣) أي: إذا كانت بالكسر فيجوز أن تكون مأخوذة من «قدم» المتعدي، أو من «قدم» اللازم. وأما إذا كانت بالفتح فهي مأخوذة من «قدم» المتعدي فقط؛ لأن اسم المفعول لا يشتق من اللازم.
(٤) أي: عن المعاني.
(٥) أي: على الألفاظ.