حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[فصاحة المفرد]

صفحة 41 - الجزء 1

  ومقدمة الكتاب: اسم لطائفة من كلامه قدمت أمام المقصود؛ لارتباط له⁣(⁣١) بها وانتفاع بها فيه.

  فالأولى: معانٍ، والثانية: ألفاظ، فبين المقدمتين تباين.

  والمقدمة هنا: مقدمة كتاب لا علم، خلافًا لصاحب المتن⁣(⁣٢) في شرحه؛ لأنها طائفة من الكتاب - وهي ألفاظ - ذكرت أمام المقصود - وهو المعاني والبيان والبديع - لارتباط كلٍّ بما ذكره هنا من معنى الفصاحة والبلاغة، وانحصار علم البلاغة في علمي المعاني والبيان، وما يلائم ذلك. ولو عبَّرَ المصنف بِـ: «مقدمة» بالتنكير - كما عبر أصله - لكان صوابا؛ إذ لا وجه للتعريف؛ لأن طرقه أربعة: العهد الخارجي، أو الذهني، أو الجنس، أو الاستغراق، ولا يصلح المقام لشيء من ذلك، بخلاف التعريف في الفنون الثلاثة فله وجه، وهو: تقدم العلم بها من قوله: (وما من التعقيد ..) البيتين، فناسب الإيراد بالتعريف.

[فصاحة المفرد]

  قال:

  فَصَاحَةُ المفرَدِ أنْ يَخلُصَ مِنْ ... تَنَافُرٍ غَرَابِةٍ⁣(⁣٣) خُلْف⁣(⁣٤) زُكن

  أقول: الفصاحة في اللغة تنبئ عن الظهور والإبانة، يقال: «فَصُحَ الأعجمي» إذا انطلق لسانه وخلصت لغته من اللُّكْنَة، وقال تعالى - حكاية عن سيدنا موسى -: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا}⁣[القصص ٣٤]، أي: أبْيَنُ منِّي قولًا.

  ومعناها اصطلاحا يختلف باختلاف موصوفها، وموصوفها: الكلمة، والكلام، والمتكلم، يقال: «كلمة فصيحة» و «كلام فصيح» في النثر، و «قصيدة فصيحة» في النظم، و «متكلم فصيح».


(١) أي: لارتباط للمقصود بالطائفة المقدمة، وانتفاع بالطائفة المقدمة في المقصود.

(٢) أي: صاحب الجوهر، وهو عبد الرحمن الأخضري كما تقدم في ترجمته.

(٣) معطوف على «تنافر» بحذف العاطف، وهذا يجوز في الشعر لا في النثر.

(٤) أي: مخالفة لقواعد لغة العرب كفَكِّ ما يجب إدغامه.