حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[فائدة]

صفحة 48 - الجزء 1

  {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}⁣[الشمس ١] الخ، فكرر الضمائر، وقال: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ}⁣[آل عمران ١٩٤]، وقال: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، وقال تعالى في تكرير الإضافات: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّاء}⁣[مريم ٢] {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ}⁣[آل عمران ١١].

[فائدة]

  ذكر بعض الفضلاء أن من خصائص القرآن أنه اجتمع فيه ثمان ميمات متواليات ولم يحصل بسببها ثقل على اللسان أصلا، بل ازدادت خفة، وذلك في قوله تعالى: {وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ}⁣[هود ٤٨]، فإن التنوين في {أُمَمٍ}، والنون في: {مِّمَّن مَّعَكَ} يدغمان في الميم بعدهما، فيصيران في حكم ميم أخرى، والميم المشددة في: {مِّمَّن} بميمين، وفيه أربع أخر، فهذه ثمانية.

  وقوله: (سلم): أي: خَلُصَ، خبر مبتدأ معلوم من المقام⁣(⁣١)، وهو مؤول بمصدر⁣(⁣٢)، و (من تنافر): متعلق به، أي: والفصاحة في الكلام: خلوصه من تنافر الكلم.

[فصاحة المتكلم]

  قال:

  وذي الكلامِ: صِفةٌ بها يُطيق ... تأديةَ المقصودِ باللفظِ الأنيق⁣(⁣٣)

  أقول: (ذي الكلام): معطوف على الكلام في البيت قبله، أي: والفصاحة في ذي الكلام، أي: صاحبه، وهو المتكلم: (صفة ..) الخ، والمراد بالصفة: الملكة.

  ومعنى البيت: والفصاحة في المتكلم: ملكة يقتدر⁣(⁣٤) بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح.


(١) وهو الفصاحة. مخلوف.

(٢) أي: من غير سابك. مخلوف.

(٣) قال في القاموس: أنيق كأمير، أي: حسن مُعْجِب؛ لكن أراد به هنا الفصيح.

(٤) عَبَّرَ بالاقتدار ليشمل حالتي النطق وعدمه، فهو فصيح بالفعل أو بالقوة.