[بلاغة الكلام والمتكلم]
  وقولُه: (التي بها يطابق مقتضى الحال) أي: من حيث(١) إن اللفظ يطابق بها لا من حيث ذاتها(٢)، كالتقديم(٣)، والتأخير، والتعريف، والتنكير - مخرجٌ(٤) للأحوال التي ليست بهذه الصفة(٥)، كالرفع والنصب، ولعلم البيان(٦)؛ لأن البحث فيه عن أحوال اللفظ لا من الحيثية المذكورة(٧)، وكذلك المحسنات البديعية(٨) كالتجنيس ونحوه مما يُعتبر بعد رعاية المطابقة.
  والتحقيق في مقتضى الحال: أنه ذو الأحوال(٩).
  وقوله: (وفيه ذكرا ..) الخ: أشار به إلى أن هذا العلم بجملته منحصر في ثمانية أبواب، انحصار الكل في أجزائه(١٠). ووجه الانحصار: أن الكلام إما خبر أو إنشاء.
  الأول: لابد له من: إسناد، ومسند إليه، ومسند، فهذه ثلاثة أبواب.
  والمسند قد يكون له متعلقات إذا كان فعلا أو ما في معناه(١١)، وهو الباب الرابع.
  وكلٌّ من التعلق والإسناد قد يكون بقصر، وقد لا يكون، وهو الباب الخامس.
  والثاني: هو الباب السادس.
(١) قوله: «من حيث ..» متعلق بـ «يعلم» بعد ملاحظة نائب الفاعل وصفته.
(٢) أي: لا من حيث ذات الأحوال؛ إذ لو كان كذلك لاقتضى أن علم المعاني مسائل أو ملكة أو إدراك يتصور بها أحوال اللفظ، مع أن علم المعاني لا يتصور به شيء من تلك الأحوال، بل المراد المعرفة التصديقية، أي: علم يُصَدَّقُ ويُحْكَمُ بسببه بأن هذه الأحوال بها يطابق اللفظ مقتضى الحال.
(٣) قوله: «كالتقديم ... إلخ» تمثيل للأحوال التي بها المطابقة المذكورة. مخلوف.
(٤) خبر عن قوله: «وقوله».
(٥) أي: المطابقة بها لمقتضى الحال. مخلوف.
(٦) أي: ومخرج لعلم البيان.
(٧) لأنه وإن كان يعرف بعلم البيان أحوال اللفظ من كونه حقيقة أو مجازا أو كناية لكنه لا يعلم به أحواله من حيث إن بها يطابق اللفظ مقتضى الحال، بل من حيث ما يقبل منها وما لا يقبل، ومن حيث تحقيق تفاصيلها، وأصول شروط المجاز؛ ليحترز بذلك عن التعقيد المعنوي.
(٨) أي: ومخرجٌ للمحسنات البديعية مثل التجنيس والترصيع.
(٩) أي: الكلام الكلي ذو الأحوال الكلية، لا نفس الأحوال من التعريف والتنكير ونحو ذلك. مخلوف.
(١٠) وليس انحصار الكلي في جزئياته؛ لأنه لو كان كذا لصدق علم المعاني على كل باب من الأبواب الثمانية.
(١١) كالمصدر واسم الفاعل واسم المفعول ونحو ذلك.