الفن الأول: علم المعاني
  قال:
الفن الأول: علم المعاني
الفن الأول: علم المعاني
  قدَّمَهُ على علم البيان لكونه منه(١) بمنزلة المفرد من المركب(٢)؛ لأن رعايةَ المطابقة لمقتضى الحال - التي هي ثمرة علم المعاني - معتبرةٌ في علم البيان، مع شيء آخر وهو إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة(٣)، كالتعبير عن اتصاف زيد بالكرم بِـ: «زيد كثير الرماد»، «جبان الكلب»، «مهزول الفصيل».
  قال:
  علم به لمقتضى الحال يُرَى ... لفظٌ مطابقاً وفيه ذُكرا
  إسناد مسندٌ إليه مسندُ ... ومتعلقات فعل تورد
  قصرٌ وإنشاءٌ وفصلٌ وَصْلٌ اوْ ... إيجازٌ اطنابٌ مساواةٌ رأوْا
  أقول: العلم يطلق على ملكة يقتدر بها على إدراك المسائل، ويطلق على نفس الإدراك، ويطلق على نفس المسائل. والأنسب بما هنا: المعنى الثالث. فقوله: (علم) إلى قوله: (مطابقا) تعريف لعلم المعاني، وقوله: (يرى) أي: يعلم، و (به) يتعلق به، و (لفظٌ): نائبُ فاعل (يُرَى)، وهو المفعول الأول، و (مطابقا): مفعول ثان، وهنا مضاف محذوف، هو أحوال، أي: علم يعلم به أحوال اللفظ مطابقا لمقتضى الحال. ومقصوده: أنه علم يعلم به أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، فـ: (عِلْم): جنس، و: (يعلم به أحوال اللفظ): مخرج لما يعلم به أحوال غير اللفظ كالحساب، فإن به يعلم أحوال العدد جمعا وتفريقا.
(١) أي: لكون علم المعاني من علم البيان.
(٢) يعني أن منزلة علم المعاني كمنزلة المفرد وعلم البيان كمنزلة المركب.
(٣) لفظ المطول: قدمه على علم البيان لكونه منه بمنزلة المفرد من المركب؛ لأن البيان: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في تراكيب مختلفة بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، ففيه زيادة اعتبار ليست في علم المعاني، والمفرد مقدم على المركب.