حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الإسناد العقلي

صفحة 67 - الجزء 1

  والمفعول فيما بني له، نحو: «ضُرب عمرٌو»، فإن الضاربية لزيد، والمضروبية لعمرو، بخلاف نحو⁣(⁣١): «نهاره صائم⁣(⁣٢)».

  فـ: «عند المتكلم» مُدخِلٌ لما يطابق الاعتقاد دون الواقع، و: «في الظاهر» مدخلٌ لما لا يطابق الاعتقاد⁣(⁣٣)، وكل منهما متعلق بِـ «له⁣(⁣٤)». ومعنى كونه له، أن معناه قائم به، وحقه أن يسند إليه، سواء كان صادرًا عنه باختياره، أو بغير اختياره، نحو: «ضرب زيد»، و «مات عمرو»، على ما فيه⁣(⁣٥). ومنه⁣(⁣٦): مثال الكتاب.

  وبمقتضى هذا التعريف تكون أقسام الحقيقة العقلية من جهة الواقع والاعتقاد أربعة:

  الأول: ما طابق الواقع والاعتقاد، كقولنا معاشر المؤمنين: «أنبت الله البقل».

  الثاني: ما طابق الاعتقاد فقط، كقول الجاهل - أي: الكافر -: «أنبت الربيع البقل».

  الثالث: ما طابق الواقع فقط، كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها عنه⁣(⁣٧): «خلق الله الأفعال كلها».

  الرابع: ما لا يطابق واحدًا منهما، كقولك: «جاء زيد»، وأنت تعلم أنه لم يجيء دون المخاطب⁣(⁣٨).

  فقوله: (ولحقيقة): الظاهر أنه متعلق بـ «أثبتن» محذوفا. و (مجاز): معطوف


(١) أي: مما أسند فيه المبني للفاعل لغير الفاعل. مخلوف.

(٢) فإن الصوم ليس للنهار.

(٣) أي: سواء طابق الواقع أم لا بأن كان غير مطابق لواحد منهما. دسوقي.

(٤) أي: متعلق بعامله المستتر الذي هو استقر، فلا يرد أن الظرف لا يتعلق بمثله، كذا قيل. وقد يقال: لا مانع من تعلقه به حيث كان مستقراً؛ لاستقرار معنى العامل فيه عند حذف لفظه، تأمل. دسوقي.

(٥) أي: من كون الموت ليس صادرا عنه أصلا لا باختياره ولا بغير اختياره.

(٦) أي: من الشق الثاني على ما فيه أيضا مما مر. مخلوف.

(٧) قوله: «وهو يخفيها عنه» أي: ممن لا يعرف حاله، أما لو عرف المخاطب حال المتكلم، وكان المتكلم يعلم أن المخاطب عارف بحاله - كان الإسناد حينئذ مجازا عقليا من الإسناد إلى السبب وهو الله عند المعتزلي؛ لأن تلك المعرفة قرينة صارفة عن كون الإسناد لما هو له.

(٨) إذ لو علمه المخاطب أيضا لما تعين كونه حقيقة؛ لجواز أن يكون المتكلم قد جعل علم السامع بأنه لم يجيء قرينة على أنه لم يرد ظاهره فلا يكون الإسناد إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر. سعد.