الباب الثاني: في المسند إليه
  فالأول: ثلاثة أقسام: الأول: معهود في الذكر صريحًا أو كنايةً، نحو: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى}[آل عمران ٣٦]، فالأنثى تقدم ذكرها صريحًا في قوله: {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى}، والذَّكَر تقدم في قوله: {مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}[آل عمران ٣٥]؛ لأن «ما» كناية عنه؛ لأن التحرير إنما كان للذكور.
  الثاني: معهود في الذهن(١)، نحو: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}[التوبة ٤٠].
  الثالث: معهود في الحضور(٢)، نحو: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة ٣]. ومنه: الواقعة بعد اسمِ الإشارة و «أيّ» في النداء(٣).
  والثاني: ثلاثة أقسام أيضًا:
  الأول: الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي(٤)، نحو: «الرجل خير من المرأة»، ومنه: «أل» الداخلة على المعرَّف - بفتح الراء - نحو: «الإنسان حيوان ناطق»؛ إذ التعريف إنما هو للماهية لا للأفراد.
  الثاني: الإشارة إلى الحقيقة باعتبار وجودها في بعض الأفراد غير معين، كقولك: «ادخل السوق» حيث لا عهد في الخارج(٥). ومنه: قوله تعالى: {وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}[يوسف ١٣]. وهذا المعرف في المعنى كالنكرة؛ ولذا عومل معاملتها في الوصف بالجملة، نحو [الكامل]:
  وَلقَدْ أمرُّ عَلى اللئيمِ يُسُبُّنِي(٦)
(١) كأن مراده بـ «الذهن» العِلْم؛ إذ الواقع في كلام غيره التعبير بالعلم في هذا القسم، والمسمى عندهم معهودا في الذهن هو الداخلة عليه «أل» المشار بها إلى الحقيقة في ضمن فرد غير معين، ولو أبدل «الذهن» بـ «العلم» لأحسن. مخلوف.
(٢) أي: بسبب الحضور. مخلوف.
(٣) نحو «قام هذا الرجل»، و «يا أيها الرجل».
(٤) أي: من غير نظر إلى الأفراد. مخلوف.
(٥) أي: إذا لم يكن بينك وبين المخاطب سُوق معهود في الخارج.
(٦) ينسب لعميرة بن جابر الحنفي، ولرجل من بني سلول. انظر خزانة الأدب ١/ ١٧٣ وعجزه:
فمضيتُ ثَمَّتَ قلتُ: لا يعنيني
والشاهد في البيت: أن جملة «يسبني» وقعت صفة لِـ «اللئيم» ولم تعرب حالًا؛ لأن الغرض أن اللئيم دأبه السب ومع ذلك تحمله القائل وأعرض عنه، لا تقييد السب بوقت المرور فقط الذي هو مقتضى كونها حالية؛ إذ هي مشعرة بالتحول من أصلها. كذا قيل، لكن المناسب لقوله: «ثمت قلت: لا يعنيني» كونها =